الحمد لله.
ذهب بعض العلماء إلى أن القيء (وهو الاستفراغ) ينقض الوضوء، منهم الإمامان أبو حنيفة وأحمد، غير أن أحمد يشترط لنقض الوضوء أن يكون القيء كثيرا فاحشاً.
وذهب الإمام الشافعي إلى أن القيء لا ينقض الوضوء، وهذا هو الصحيح، لأنه ليس هناك دليل صحيح على نقض الوضوء بالقيء. انظر: "المجموع" (2/63-65)، "المغني" (1/247- 250).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل ما يخرج من غير السبيلين ينقض الوضوء؟
فأجاب:
" الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء قلَّ أو كَثُر إلا البول والغائط ؛ وذلك أن الأصل عدم النقض، فمن ادّعى خلاف الأصل فعليه الدليل، وقد ثبتت طهارة الإنسان بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي، ونحن لا نخرج عما دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأننا متعبدون بشرع الله لا بأهوائنا، فلا يسوغ لنا أن نلزم عباد الله بطهارة لم تجب ولا أن نرفع عنهم طهارة واجبة.
فإنْ قال قائل: قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ.
قلنا: هذا الحديث قد ضعًّفه أكثر أهل العلم، ثم نقول: إن هذا مجرد فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب، لأنه خالٍ من الأمر، ثم إنه معارضٌ بحديث ـ وإن كان ضعيفاً ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ. وهذا يدل على أن وضوءه من القيء ليس للوجوب.
وهذا القول هو الراجح، أن الخارج من بقيه البدن لا ينقض الوضوء وإن كَثُرَ، سواء كان قيئاً أو لعاباً أو دماً أو ماء جروح أو أي شيء آخر، إلا أن يكون بولاً أو غائطاً مثل أن يفتح لخروجهما مكان من البدن فإن الوضوء ينتقض بخروجهما منه " انتهى. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/198).
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 14321، 221751، 228431.
والله أعلم.
تعليق