الخميس 23 شوّال 1445 - 2 مايو 2024
العربية

كيفية العلاج من العين بوضوء العائن؟

469971

تاريخ النشر : 30-01-2024

المشاهدات : 946

السؤال

شخص لا يصلي، وبعيد عن الله تعالى، أي ربما يكون كافرا، فيصيب أحدا بعينه، وقرأت لديكم أن وضوءه لا يصح، ومنذ فترة لم أكن أعلم فجعلت الكافر يغسل كفيه أو يديه إلى المرفقين، لا أذكر، وأيضاً تمضمض وغسل وجهه فقط بنية الوضوء، ثم غسلت بها المريض، فهل هذا صحيح؟ السؤال الثاني: عندما كنت أجعل المصاب يغتسل، كنت أخذ الماء بيدي، وأمسح به ظهر المريض، ثم أخذ ماءا نظيفا، ليس من ماء العائن، ثم أغسل به مباشرةً، أفعل هكذا ثم أنتقل إلى الرأس وأغسله بماء العائن، ثم بماء نظيف، فهل هذه الطريقة صحيحة؟ السؤال الثالث: هل وضوء شخص لا يصلي لكنه يؤمن بالله صحيح؟ السؤال الرابع: لو توضأ كافر وضوءا كاملا إلا رجليه لم يغسلها، فهل هذا لا يعتبر وضوءا، بالتالي لا يكن صحيحا، حتى لو كانت نيته وضوء؟ السؤال الخامس: هل يشترط النية؟ مثلاً عندما تعب أحد الأصدقاء كان اخوه يأخذ من قربة ماء زمزم بيده ويمسح على بعض من جسد المريض، ثم بعد ذلك تبين أنه هو من أصابه بعين، فلا المريض ولا العائن كان عنده النية، فهل مسحه للجسد بالماء بيده يكون وقتها ذو نفع؟

الجواب

الحمد لله.

ورد الإرشاد في العلاج من العين إلى وضوء العائن ثم اغتسال المصاب بما يجتمع من ماء هذا الوضوء، كما روى ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ قَالَ:

" رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخْبَأَةٍ، فَلُبِطَ سَهْلٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ؟ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا؟

قَالُوا: نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ.

قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟! أَلَّا بَرَّكْتَ! اغْتَسِلْ لَهُ!

فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ " رواه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 939)، والإمام أحمد في "المسند" (25 / 355)، وابن ماجه (3509)، وعند الإمام أحمد زيادة: ( يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ ".

قال النووي رحمه الله تعالى:

" فإن الشرع ورد بالوضوء لهذا الأمر في حديث سهل بن حنيف لما أصيب بالعين عند اغتساله؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائنه أن يتوضأ، رواه مالك في "الموطأ".

وصفة وضوء العائن عند العلماء: أن يؤتى بقدح ماء ولا يوضع القدح في الأرض، فيأخذ منه غرفة فيتمضمض بها ثم يمجها في القدح، ثم يأخذ منه ماء يغسل وجهه، ثم يأخذ بشماله ماء يغسل به كفه اليمنى، ثم بيمينه ماء يغسل به مرفقه الأيسر، ولا يغسل ما بين المرفقين والكعبين، ثم يغسل قدمه اليمنى ثم اليسرى على الصفة المتقدمة، وكل ذلك في القدح، ثم داخلة إزاره وهو الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الأيمن، وقد ظن بعضهم أن داخلة الإزار كناية عن الفرج، وجمهور العلماء على ما قدمناه فإذا استكمل هذا صبه من خلفه على رأسه " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (14/172).

ومن هذا الوصف يتبيّن أن وضوء وغسل العائن ليس هو الوضوء والغسل الشرعي المطلوب لرفع الحدث، وإنما حاصله أخذ أثر من العائن، فلا يقاس هذا الوضوء على وضوء التعبد لرفع الحدث، بل هو من باب العلاج، فلذا لا تشترط له النية، ولم يرد ما يدل على اشتراطها.

ولهذا يصح أن يأخذ هذا الوضوء من العائن على وجه الإجبار.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى معلقا على حديث سهيل السابق:

" وفيه: دليل على أن العائن يُجبر على الاغتسال للعين " انتهى من "التمهيد" (8/17).

ولهذا أيضا يصح أخذ أثر العائن، ولو بدون علمه، إذا لم يتيسر أخذ الوضوء منه على الصفة الواردة في الحديث.

وقد سُئل الشيخ عبد الرحمن البراك:

" السؤال: أخي أصابتْهُ عينٌ مِن أهلِ زوجتِهِ وطلبْنَا منهمُ الوضوءَ فرفضُوا، فهلْ يجوزُ أَخْذُ أثرٍ منهمْ؟

الجواب: يجوزُ إذا تيسَّرَ أثرٌ منهم، مما يُلَابسونَهُ مثل ما يفعلُ بعضُ النَّاسِ يأخذُ مِن آثارِ طعامِهم وشرابِهم، فلا بأس، أشياء طاهرةٌ مِن آثارِهم الطَّاهرة " انتهى. من "موقع الشيخ البراك".

فالحاصل:

أن وضوء العائن لا يشترط أن يكون هو الوضوء الذي يرفع الحدث، بل يصح لهذا الغرض، ولو لم يكن على تمام الصفة الشرعية.

وعلى ذلك؛ فلا تشترط له نية، ويؤخذ من العائن الكافر، كما يؤخذ من العائن المسلم.

والأكمل في صفة الوضوء: هو ما ورد في حديث سهل، وأما غير ذلك كالطريقة التي سألت عنها فالله أعلم بحالها، والذي يظهر لنا أن يكمل غسل بدن المعيون، باثر العائن، من ماء غسله، أو وضوئه أولا، ثم إن شاء غسله بعد ذلك بماء آخر، مع أنه لا معنى له، فماء العائن ليس نجسا، ولو كان كافرا، حتى يغسل أثره؛ ولو كان نجسا، لما أمر الشرع بأن يغسل به من أصابته العين، ولم يطلب أصلا!!

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب