السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

اشتركوا في تأثيث السكن، فكيف لمن أنتقل أن يأخذ حقه؟

477410

تاريخ النشر : 17-03-2024

المشاهدات : 710

السؤال

أقيم أنا وزملائي في استراحة عمل، ونظرا لعدم توافر جميع وسائل المعيشة بها، قمت أنا وزملائي بالمشاركة من مالنا الخاص لتزويد الاستراحة بهذه المستلزمات، من أجهزة كهربائية، وأثاث، ثم تم ندبي من العمل إلى محل إقامتي، فأردت أن أتخارج من المشاركة في الأشياء التي اشتريناها بالاستراحة، مع العلم أنه تم ندب آخرين إلى محال إقامتهم، ولم يأخذوا شيئا من هذه المستلزمات، فكيف يتم هذا التخارج إن كان يحق لي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا اشترك جماعة في شراء أثاث ونحوه ليضعوه في استراحة العمل، فمن نوى منهم التبرع بذلك للاستراحة، فليس له الرجوع وأخذ نصيبه إذا انتتقل إلى محل آخر؛ وذلك لحرمة الرجوع في الهبة والصدقة؛ لما روى البخاري (2589)، ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

وفي رواية للبخاري (2622) (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ).

وروى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

قال ابن قدامة رحمه الله: " (ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته , ولا لمُهْدٍ أن يرجع في هديته , وإن لم يُثَبْ عليها)؛ يعني: وإن لم يُعوَّضْ عنها.

وأراد: من عدا الأب؛ لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع ...

فأما غيره: فليس له الرجوع في هبته ولا هديته.

وبهذا قال الشافعي وأبو ثور " انتهى من "المغني" (5/ 397).

ومن لم ينوِ التبرع، فهو شريك فيما اشتُري، وله عند ترك الاستراحة أن يأخذ نصيبه.

فإن تراضى الشركاء على قسمة معينة، كأن يأخذ الخارج جهازا من الأجهزة الكهربائية، أو أن يأخذه ويدفع مالا، فلا حرج؛ لأن الحق للشركاء، فلهم التراضي على نوع من القسمة.

وإن لم يتراضَ الشركاء على قسمة معينة، فإن الأثاث ونحوه يقوّم عند خروجه، ويشتريه بقية الشركاء إن أرادوا، أو يشتريه أجنبي، كما لو حلّ محلّه موظف آخر.

فإن أبوا شراء نصيبك، ولم تجد أجنبيا يشتريه ويشاركهم فيه، أجبروا على بيعه، لتأخذ نصيبك.

وهكذا الشأن في كل شيء مشتَرك لا يمكن قسمة عينه إلا بضرر، كالجهاز الكهربائي، والأثاث.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وما لا يمكن قَسْمُ عينه: إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه: بِيع، وقُسِّم ثمنه. وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية الميموني، وذكره الأكثرون من الأصحاب" انتهى من "الاختيارات الفقهية ضمن الفتاوى الكبرى" (4/ 636).

وقال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع": " وهي [أي القسمة] نوعان:

قسمة تراض، وأشار إليها بقوله: (لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر)، ولو على بعض الشركاء، (أو) لا تنقسم إلا بـ (رد عوض) من أحدهما على الآخر: (إلا برضى الشركاء) كلهم؛ لحديث: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد وغيره. وذلك (كالدور الصغار، والحمام والطاحون الصغيرين) والشجر المفرد (والأرض التي لا تتعدل بأجزاء ولا قيمة، كبناء أو بئر) أو معدن (في بعضها) أي بعض الأرض؛ (فهذه القسمة في حكم البيع)، تجوز بتراضيهما، ويجوز فيها ما يجوز في البيع خاصة.

(ولا يُجْبَر من امتنع) منهما (من قسمتهما)؛ لأنها معاوضة، ولما فيها من الضرر.

ومن دعا شريكه فيها إلى بيع أُجبر. فإن أبى، باعه الحاكم عليهما، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما. وكذا لو طلب الإجارة ولو في وقف.

والضرر المانع من قسمة الإجبار: نقص القيمة بالقسمة ...

النوع الثاني: قسمة إجبار، وقد ذكرها بقوله: (وأما ما لا ضرر) في قسمته، (ولا رد عوض في قسمته، كالقرية، والبستان، والدار الكبيرة والأرض) الواسعة (والدكاكين الواسعة، والمكيل والموزون من جنس واحد، كالأدهان والألبان ونحوها، إذا طلب الشريك قسمتها: أُجبر) شريكه (الآخر عليها)؛ إن امتنع من القسمة مع شريكه" انتهى من الروض الربع، ص 469

ثانيا:

إذا تم تقويم هذه الأشياء، فينظر في نصيب الزميل الذي خرج أولا، فإن كان تبرع بنصيبه للشركاء، قسمت القيمة على الموجودين الآن.

فلو كان الشركاء خمسة، وقيمة الأشياء ألفا، وخرج المتبرع، وبقي أربعة، فإن الألف تقسم عليهم، فيكون لمن خرج الآن 250

وأما إن تبرع بنصيبه للاستراحة، فإن قيمة الأشياء تقسم على خمسة، ويأخذ الخارج الآن 200

وإذا لم يصرح الشريك الذي خرج بأنه ترك نصيبه للشركاء، أو للاستراحة: فالظاهر أنها تكون للاستراحة، ولا يستحق الشركاء شيئا من نصيبه؛ إلا إذا صرح هو بذلك. وقد جرت العادة في مثل ذلك كثيرا، أن من يقضي غرضه من مكان، يترك ما يستغني عنه من أغراضه لمن يأتي في المكان من بعده؛ وليس لهم أن يتملكوا هذه الأشياء، بل لهم حق الانتفاع بها، فحسب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب