الحمد لله.
لا بدّ أن القناعة التي حصلت لديك كبيرة وقوية لأنها مبنية على دراسة وجاءت بعد مقارنة بين القرآن والإنجيل ولا نظنّ أنّك محتاجة لمزيد من الإقناع لكن المشكلة التي تتحدثين عنها تتعلق بالخطوة التالية ألا وهي الدخول الحقيقي في دين الإسلام والبدء بممارسة حياة إسلامية ، ونحن لا نرى معوقات حقيقية تحول دون الإقدام على هذه الخطوة ودعينا نناقش كلا من المشكلتين على حدة .
المشكلة الأولى : ماذا سيكون الموقف من زوجك السكّير بعد دخولك في الإسلام ؟ بالنسبة للحكم الإسلامي الشّرعي فإنّك بمجرد دخولك في الإسلام تدخلين في العدة وهي فترة انتظار .
قالَ مَالِكٌ رحمه الله : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا كَانَ إسْلامُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالإِسْلامِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ ثَلاثَةِ قُرُوءٍ . أهـ ( أي ثلاث حيضات ) " إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ وَإِلا فَثَلاثَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ أَسْلَمَ الآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا .. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ج2 باب نكاح الكافر
وَهَذَا لأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَحْتَ الْكَافِرِ مُطْلَقًا ، والإِسْلامُ يَعْلُو وَلا يُعْلَى عَلَيْهِ. فأسلمي واعرضي الإسلام عليه فإن أسلم فالحمد لله ولعلّ ذلك يكون سببا في تركه الخمر وإن لم يُسلم وانقضت العدّة ففارقيه وخلّيه وخصوصا أنّ أحواله غير مرضيّة وسكره متعب جدا لك وللأولاد والمعيشة معه لا تُطاق فلا يؤُسف عليه ، ولعل الله يعوّضك خيرا منه . وكونه لا يستطيع أن يدبّر أموره فهذا بما كسبت يداه وهو الذي جنى على نفسه ، ولو حصل فراق فتعب وتورّط يراجع نفسه ويتأثّر ويُسلم ليعود إلى زوجته وولديه .
أما المشكلة الثانية فإنها خطيرة حقا لأنها قائمة على علاقة غير صحيحة شرعا بين رجل وامرأة أجنبية يتبسطان فيها بالحديث ويتحدّثان في أمور شتى دون ضوابط فنشأ عن هذا الواقع الخاطئ واقع خاطئ آخر وهو محبة وتعلّق بشخص أجنبي وخشية فراقه ثم المفاضلة بين العلاقة معه وبين الإسلام ، مع أن الاستمرار في العلاقة المنفتحة بهذا الشكل له أضرار والدخول في الإسلام واجب تنبني عليه السعادة في الدنيا والنجاة من نار جهنم في الآخرة ، وبالإضافة إلى ذلك فإننا لازلنا نستغرب كيف يكون ملتزما بدينه جدا - كما تقولين - ثم يقيم علاقة بهذا الشّكل الذي تصفينه فيه بأنه صديقك ، فالواجب عليك المبادرة إلى الدخول في الإسلام ونصح هذا الشّخص بطريقة مناسبة ( كإرسال النصيحة الصحيحة والواضحة إليه بالبريد الإلكتروني مثلا) ، ولتكوني على ثقة بأنك إذا أسلمت فسيجعل الله لك فرجا ومخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسبي فأرضِ ربّك يرضَ عنك ويُرضي عنك الناس ، والله يوفقنا جميعا لما يحبّ ويرضى .
تعليق