الحمد لله.
هذه العبارة يقولها الناس من باب التفاؤل برؤية من يحبون، وأنه يجعل نفسياتهم جيدة ومعنوياتهم عالية، ولا يقصدون بها تحصيل العافية منه.
ولا يخفى أنّ من الأسباب المعنوية لحصول العافية : رؤية الأحباب والقريبين من قلب الإنسان؛ ولذا جاء الحث على زيارة المريض لئلا يشعر بالوحدة وبُعد أحبابه عنه، وهذا أمر يقره الطب النفسي الحديث.
قال ابن القيم، رحمه الله: " ويُحْكى أنَّ رجلًا مرِضَ مَن يُحِبُّه، فعادَه المحبُّ، فمرضَ من وقته، فعوفيَ محبوبُه، فجاءَ يعودُه، فلما رآه عُوفي من وقته، وأنشد:
مَرِضَ الْحَبيبُ فَعُدْتُه … فمَرِضْتُ مِنْ حَذَرِي عليهِ
وأتى الحبيبُ يَعُودُوني … فبرئتُ مِنْ نَظري إلَيْه ".
"روضة المحبين" (117)، والبيتان مما ينسب للإمام الشافعي من الشعر. انظر: "مناقب الشافعي" للبيهقي (2/93)، "شرح مقامات الحريري" (2/473)، "الآداب الشرعية" (2/200).
وقد قرر أهل العلم أنّ ألفاظ الناس تُحمل على ما يقصدونه ويعنونه إن كانت محتملة لمعانٍ عدة.
جاء في موسوعة القواعد الفقهية: "المتكلّم والمتلفّظ بالألفاظ له من وراء لفظه وكلامه مقاصد ونيّات يرجوها ويريدها، فلذلك فإنّ مقاصد اللفظ وما يراد به إنّما يعتدّ بها ويعتمد فيها على نيَّة المتكلّم. وقد يكون ظاهر اللفظ غير مراد للمتكلّم فيعمل بنيَّته وقصده من لفظه" انتهى من "موسوعة القواعد الفقهية" (10/804).
ونظير هذه المسألة قول الناس تباركت علينا، وزارتنا البركة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "قول العامة: (أنت تباركت علينا) لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة إلى الله عز وجل، وإنما يريدون أصابنا بركة من مجيئك، والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان إذا كان أهلا لذلك، قال أسيد بن حضير حين نزلت آية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها: " ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر " انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/515).
وعليه: فلا مانع من استخدام عبارة (أتعافى فيك).
والله أعلم
تعليق