السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

التزام الشريك بشراء نصيب شريكه عند انتهاء عقد الشركة

487067

تاريخ النشر : 13-12-2023

المشاهدات : 697

السؤال

عندي حافلة نقل المسافرين، أريد شريكا في الحافلة، يدفع نصف ثمنها، ونتقاسم الأرباح مناصفة بيننا لمدة محددة، مثلا عام أو 6 أشهر، وبعد انقضاء المدة أعيد له رأس المال كما هو، وأنا الذي وعدته بذلك، وليس هو من اشترط علي ذلك. السؤال: هل تعتبر هذه المعاملة ربوية إن ضمنت رأس المال للشريك وحددت المدة؟ وهل تعتبر نوعا من أنواع المضاربة؟

الجواب

الحمد لله.

هذه المعاملة تجمع بين الشركة والمضاربة، وهي جائزة على القول الراجح عند أهل العلم.

 فالأصل أن يكون الربح بينكما بقدر المالين، فإذا دفع كل واحد منكما نصف المال فله نصف الربح، إلا إن رضي بأقل من ذلك لأي اعتبار.

ومن سيقوم بالعمل له نسبة من الربح مقابل عمله، وعليه فالربح بينكما على ما تتفقان، والخسارة على قدر مال كل واحد منكما.

قال ابن قدامة رحمه الله: "القسم الرابع-من الشركات-، أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما. فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح. فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم، لأحدهما ألف، وللآخر ألفان، فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرف فيها على أن يكون الربح بينهما نصفين، صح" انتهى من "المغني" (7/134).

وقال الماوردي: "‌شركة العنان: وهي أن يشترك اثنان بماليهما … ليعملا فيه ببدنيهما بلا نزاع...، أو يعمل فيه أحدهما …، وقال في التلخيص: فإن اشتركا على أن العمل من أحدهما في المالين صح، ويكون عناناً ‌ومضاربة..، وقال الزركشي: هذه الشركة تجمع ‌شركة ‌ومضاربة، فمن حيث إن كل واحد منهما يجمع المال تشبه ‌شركة العنان، ومن حيث إن أحدهما يعمل في مال صاحبه في جزء من الربح هي مضاربة" انتهى باختصار من "الإنصاف" (14/10).

قال ابن قدامة رحمه الله: "والربح على ما اصطلحا عليه في جميع أقسام الشركة...، وأما شركة العنان، وهو أن يشترك بدنان بماليهما، فيجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين، ويجوز أن يتساويا مع تفاضلهما في المال، وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في المال" انتهى من "المغني" (7/138).

فإن رضي أحدهما أن يبذل العمل بدون مقابل فهذا جائز، وهو تبرع منه.

قال ابن قدامة رحمه الله: "وأما المضاربة التي فيها شركة، وهي أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، مثل أن يخرج كل واحد منهما ألفا، ويأذن أحدهما للآخر في التجارة بهما...، فإن جعلا الربح على قدر المالين، وعمله في نصيب صاحبه تبرع، فيكون ذلك إبضاعا [أي : تبرعا بالعمل] ، وهو جائز" انتهى من "المغني" (7/139).

ثانياً:

يجوز على القول الصحيح تحديد الشركة بزمن معين.

جاء في "الموسوعة الفقهية: " توقيت المضاربة أو تعليقها: اختلف الفقهاء في توقيت المضاربة أو تعليقها:

فذهب الحنفية والحنابلة في المذهب إلى أنه يصح توقيت المضاربة بزمن معين، فلو قال رب المال للمضارب: ضاربتك على هذه الدراهم أو الدنانير سنة جاز، لأن المضاربة تصرف يتقيد بنوع من المتاع فجاز تقييده بالوقت، ولأن المضاربة توكيل وهو يحتمل التخصيص بوقت دون وقت" انتهى من الموسوعة الفقهية "الموسوعة الفقهية الكويتية" (38/64).

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المضاربة:

" ب ـ لزوم المضاربة إلى مدة معينة ، وتوقيت المضاربة :الأصل أن المضاربة عقد غير لازم ويحق لأي من الطرفين فسخه، وهنالك حالتان لا يثبت فيهما حق الفسخ وهما:

  1. إذا شرع المضارب في العمل حيث تصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي .
  2. إذا تعهد رب المال أو المضارب بعدم الفسخ خلال مدة معينة، فينبغي الوفاء، لما في الإخلال من عرقلة مسيرة الاستثمار خلال تلك المدة .

ولا مانع شرعا من توقيت المضاربة باتفاق الطرفين، بحيث تنتهي بانتهاء مدتها دون اللجوء إلى طلب الفسخ من أحدهما " انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (13/1299).

ثالثاً:

لا يجوز اشتراط ضمان رأس المال في كل أنواعه الشركات، لأن هذا يجعل المال قرضاً، وإنما الواجب أن تكون الخسارة – إن حصلت- على قدر مال كل واحد منهما.

قال ابن قدامة رحمه الله: "وجملته أنه متى ‌شرط ‌على ‌المضارب ‌ضمان المال، أو سهما من الوضيعة، فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافا" انتهى من "المغني" (7/176).

وقال البهوتي رحمه الله: "وإن اشترط الشريك أو رب المال على شريكه أو المضارب ‌ضمان ‌المال إن تلف، أو شرط أن عليه من الوضيعة أكثر من قدر ماله فسد الشرط وحده" انتهى من "كشاف القناع" (3/504).

وجاء في الموسوعة الفقهية: "‌اتفق ‌الفقهاء ‌على ‌أن ‌الخسارة ‌في ‌الشركات عامة تكون على الشركاء جميعا، بحسب رأس مال كل فيها، ولا يجوز اشتراط غير ذلك، قال ابن عابدين: ولا خلاف أن اشتراط الوضيعة بخلاف قدر رأس المال باطل" انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (44/6).

وبناء على ما سبق: فإن المحظور الشرعي في المعاملة التي تمت بينكما هو استراط ضمان رأس المال، والضمان هو : أن تشتري منه نصيبه، بنفس سعره الذي دفعه، وهو ما يسمى "القيمة الاسمية"؛ فالعقد بينكما صحيح وهذا الشرط باطل.

والطريق إلى تصحيح ذلك: أن تتفقا على أن تكون مدة الشركة بينكما: سنة، أو ما شئتما.

ثم إذا انتهت هذه المدة، وعدته، وعدا غير ملزم لأي منكما: بشراء نصيبه منه، لكن بسعر مثله في السوق يوم البيع، لا بسعره الحالي.

وقد يزيد سعره، وقد ينقص، بحسب حال السوق، وقيمة الحافلة فيها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب