الثلاثاء 21 شوّال 1445 - 30 ابريل 2024
العربية

مسلمة وأهلها كلهم نصارى، فمن يكون وليها في النكاح؟

489418

تاريخ النشر : 01-01-2024

المشاهدات : 991

السؤال

فتاة نصرانية، تعيش مع عائلتها النصرانية، والمكونة من أمها وعشيق أمها ـ ليس زوجها ـ، وكذلك أختها، وهذا الفتاة الله تعالى هداها للإسلام، بفضل الله تعالى، وقمت بتعليمها كيفية الصلاة، وتريد أن تلتزم أكثر بتعاليم الإسلام، من لبس اللباس الإسلامي، لكن لا تسطيع ذلك في عائلتها؛ خوفاً منهم، لذلك قررت الزواج منها، وهي موافقة على هذا الزواج، والانتقال إلى بلدي، حيث إن بلادي مسلمة، والحمدلله تعالى، لكن حاليا لا تستطيع الانتقال إلى بلدي للزواج، لذلك نريد الزواج عن طريق اتصال الفيديو، حتى يكون اتصالي معها وتعليمها بصفة مشروعة، مع إنه لا يوجد لديها ولي لتزويجها، ولا تعرف أحداً هناك، ويوجد عندهم مركز إسلامي واحد فقط ، وهو بعيد عن بيتهم في مدينة أخرى. فهل تستطيع توكيل من يزوجها في بلدي؟ وهل أستطيع الزواج منها من خلال الفيديو، أم يكفي أن توكل أحد المسلمين في بلادي، وهو من يقوم بتزويجها، مع وجود الشهود؟ أم يجب أن توكل أحداً من بلادهم، ويكون وليا لها، وإن لم يوافق أحد أن يتوكل عنها في بلادها، فهل تستطيع تزويج نفسها من غير ولي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

إذا أسلمت فتاة نصرانية ، وليس من أهلها وأقاربها من جهة الأب أحد مسلم ، فليس لها ولي من أقاربها ، لأن شرط ولي المسلمة أن يكون مسلما .

قال ابن قدامة رحمه الله وهو يذكر شروط الولي الذي يزوج المرأة :

"الشَّرْطُ الثَّالِثُ ، الْإِسْلَامُ ، فَلَا يَثْبُتُ لِكَافِرٍ وِلَايَةٌ عَلَى مُسْلِمَةٍ . وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا .

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَامَّةُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا" انتهى من "المغني" (9/367).

ثانيا :

لا يجوز للمرأة أن تتزوج من غير ولي ، وهو مذهب أكثر العلماء (مالك والشافعي وأحمد) .

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه أحمد (24417)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم: (2709) .

ثالثا :

إذا لم يوجد للمرأة المسلمة ولي من أقاربها : فإن الولاية تنتقل إلى السلطان ، وهو الحاكم المسلم أو من ينيبه لتولي هذا الأمر ، كالقاضي .

فإذا كانت في بلد غير إسلامية ، وليس عندها قاض مسلم ، فمدير المركز الإسلامي يقوم مقام القاضي المسلم ، فتذهب إليه وتقص عليه قصتها ، وهو يقوم بالاتصال بك وإتمام الأمر .

وإذا كانت المسافة بينها وبين المركز الإسلامي قريبة عرفا : يلزمها السفر إليه ، فإن تعذر عليها ذلك ، فيصح أن يتولى نكاحها : مسلم ذو سلطان في بلادها ، كإمام المسجد ، ونحوه ممن له وجاهة في الناس.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"وإذا تعذر من له ولاية النكاح: انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد ، ممن له نوع ولاية في غير النكاح، كرئيس القرية، وأمير القافلة ونحوه" انتهى من "الاختيارات"، ص350 .

وقال في "كشاف القناع" (5/ 52): " (فإن عدم الولي مطلقا)؛ بأن لم يوجد أحد ممن تقدم: (زوّجها ذو سلطان في ذلك المكان، كوالي البلد أو كبيره ، أو أمير القافلة ونحوه) ، لأن له سلطنة" انتهى.

ويؤخذ من كلامه أن وليها يكون في المكان الذي هي موجودة فيه ، لا في غيره من البلدان ؛ وهذا ظاهر من معنى الولاية ، وحقها في النظر للمرأة ، ثم إشاعة ذلك في المكان الذي هي فيه ، ليعرف أمر نكاحها ، والفرق بينه وبين السفاح ، واتخاذ الأخذان.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

"فإذا كانت في بلاد ليس فيها حاكم لا قاضٍ ولا ولي ، كالأقليات الإسلامية في بلاد الكفر ، فليزوجها رئيس المركز الإسلامي إذا كان عندهم مركز إسلامي ؛ لأنه بمثابة السلطان عندهم ، ورئيس المركز الإسلامي ينظر لها ويزوجها بالكفء" انتهى من موقع الشيخ ابن باز .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" إذا لم يكن للمرأة ولي مسلم قريب أو بعيد ، فإن رئيس المركز الإسلامي لديكم يتولى عقد النكاح ؛ لأنه بمثابة الوالي بالنسبة لأمثال هؤلاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (السلطان ولي من لا ولي له) ، ورئيس المركز ذو سلطان في محله ، لعدم وجود القضاة المسلمين في محله " انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 /387) .

ويؤخذ منه أيضا : أن الولي يكون في مكانها هي ، لا في بلد آخر .

أما توكيلها من يعقد لها النكاح في بلدك ، فلا يجوز ذلك ، لأنه يشترط في الوكالة أن يكون الموكل يملك التصرف الذي يوكل فيه ، وهي لا تملك أن تعقد النكاح لنفسها ، فلا تملك أن توكل فيه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"من ليس له التصرف في شيء فليس له أن يوكل فيه، فلو أن صبيّاً لم يبلغ قال لشخص: وكلتك في بيع بيتي فلا يصح؛ لأنه هو نفسه لا يصح له التصرف فيه فلا يصح أن يوكل" انتهى . الشرح  الممتع (9/326).

ثم؛ ما المعنى في أن توكل المرأة من لا يعرفها ، ولا تعرفه ، ولا يؤتمن عليها ، ولا يعنيه النظر إلى أمرها ، ورعاية مصلحتها ؟!

رابعا :

إذا وجد للمرأة ولي في بلادها (كمدير المركز الإسلامي ، ثم من بعده إمام المسجد) ، فإنه لا بأس بعقد النكاح بوسائل الاتصال الحديثة، إذا حصل الأمن من التلاعب والتدليس.

وينظر جواب السؤال رقم: (2201).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب