الحمد لله.
حثت الشريعة على اتخاذ الرفقة الصالحة التي تعين المرء على أمور دينه، واستقامته؛ إذ إنها من أسباب السير على منهاج الاستقامة، والثبات على الحق، والصحبة الصالحة من أعظم ما يثبت المسلم على دينه، فعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ رواه البخاري (467)،
وقد طلبها موسى عليه السلام وهو نبي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي *اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا [طه: 29-34].
وفي الحديث عن أبي هرير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ) رواه أبو داود (4833) وصححه الألباني
ومن الأمور التي يتحقق بها صدق الصحبة والمحبة والصداقة: حرص كل طرف على أن يكون صاحبه في أحسن حال، في دينه وأخلاقه، ولذلك شرع اختيار الصديق والرفيق الصالح الناصح، وهذا من تمام الأخوة ومقوماتها.
فعن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : "بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِم" رواه البخاري (57).
فإذا رأى الشخصُ من أخيه وصديقه سلوكاً مَشِيناً: وجب عليه نُصحه وتقويمه، وإبعاده عن المواطن والأسباب التي توقعه في هذا السلوك الخطأ.
قال ابن القيم رحمه الله: "الاجتماعُ بالإخوة على التعاونِ على أسباب النَّجاةِ والتَّواصي بالحقِّ والصبر؛ فهذا من أعظم الغنيمةِ" "الفوائد"(1/ 71).
وعليه؛ فواجبك تجاه صديقك: تهيئة بيئة الخير التي تحملكم على الطاعة، وتجنبكم المعصية ومزالق السوء.
فإذا رأيت من صاحبك خطأ أو زللًا، فالخطوة الأولى ما ذكرنا سابقاً من النصح والتوجيه، وإعانته على الخير، ورده عن المنكر والشر، وتحذيره منه، وتخويفه من عاقبة مسالكه، وخطر رفقاء السوء عليه.
ثانياً:
إذا لم يستجب للنصح، فالتعامل معه على وجهين:
1-إذا كانت أخطاء عارضة نادرة، فلا حاجة لإخبار أهله بها، ليبقى خط الود بينكما قائم؛ ولأن الأصل الستر على المسلم فيما يقع فيه من أخطاء. ويبقى دورك المهم: صديقا معينا على الخير، ساعيا في تقويم سلوك صاحبه، وإرشاده؛ وتلك فائدة الأخوة والصداقة.
2-إذا تحولت هذه الأخطاء إلى سلوك وعادة، ولم تتمكن من إبعاده عن هذا السلوك ، فحينئذ ينبغي إخبار أهله بهذا، حتى لا يتحول إلى سلوك دائم أو إلى التمادي في الانحدار، والانحراف؛ لأن التستر عليه في هذه الحالة يؤدي إلى استفحال المشكلة، وتمادي المخطئ من دون أن يتدخل أحد لمنعه وتقويمه. وهذا نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي به يقوم السلوك المجتمعي.
والله اعلم.
تعليق