الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

هل قول سبحان الله وبحمده عدد خلقه...، يغني عن المكث في المسجد إلى طلوع الشمس؟

495690

تاريخ النشر : 19-03-2024

المشاهدات : 2921

السؤال

كيف نجمع بين الحديثين التاليين؟ "عن جويرية بنت الحارث أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: (ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟) قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: (لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ). عن أنس بن مالك: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ ، تامَّةٍ ، تامَّةٍ). هل قول (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ...) أفضل من الجلوس إلى طلوع الشمس ذاكرًا؟ وهل يعدل ما ذكر في الحديث الآخر من ثواب حج وعمرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لوزنتهن"؟

ملخص الجواب

ما ورد في فضل: ( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، ‌عَدَدَ ‌خَلْقِهِ... )، يراد منه التنبيه إلى عظم جزاء هذه الكلمات، ولم يشر إلى أنها تجزي وتغني عن فضل المكث في المسجد بعد صلاة الفجر لذكر الله تعالى.

الجواب

الحمد لله.

روى مسلم (2726) عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: (مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟) قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، ‌عَدَدَ ‌خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ).

وهذا الفضل الوارد لهذا الذكر المبارك، لا يتعارض مع الفضل الوارد للجلوس في المسجد بعد الفجر لذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس، والذي سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (100009)، ورقم: (221531).

فهذا الذكر لا يغني عن هذا الجلوس ولا يتعارض معه، لا من حيث الأجر ولا من حيث الاجزاء:

فمن حيث الأجر:

فالتفضيل الوارد في حديث جويرية رضي الله عنها ، هو تفضيل بين ألفاظ الأذكار فقط، فبيّن هذا النص أن هذا الذكر عليه من الأجر أعظم من الأجر الذي على الكلمات التي كانت أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها تذكر بهن الله تعالى، وذلك راجع إلى عظم هذه الكلمات وأنهن من جوامع الأذكار.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" قوله: ( لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ ) أي: لرجحت عليهن في الثواب.

وهو دليل على أن الدعوات والأذكار الجوامع يحصل عليهن من الثواب، أضعاف ما يحصل على ما ليست كذلك. ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يحب الدعوات الجوامع " انتهى من "المفهم" (7/52).

ولأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ )، ولم يقل بجلوسك واعتكافك، فهذا فيه مقارنة ذكر بذكر.

وأما ما ورد في فضل بقاء المصلي جالسا في مصلاه ذاكرا لله تعالى إلى أن تطلع الشمس، فأجره ليس على مجرد الذكر، ولكن مع انضمام اعتكاف هذا الوقت في المسجد، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (100009)، ورقم: (221531).

وأما من حيث الإجزاء:

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لها بأن هذا الذكر يغني عن الاعتكاف للذكر بعد الفجر، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم استغنى بهذا الذكر عن المكث في المسجد إلى طلوع الشمس، لأنّ المصالح التي تترتب على هذا الاعتكاف المؤقت وأذكار الصباح، لا تدرك كلها بمجرد ذكر هذه الكلمات المباركات ثلاث مرات، وهذا شبيه بما ورد أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، ومعلوم أن تلاوتها لا تغني ولا تجزي عن قراءة ثلث القرآن وتدبّره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والثواب ‌أجناس ‌مختلفة، كما أن الأموال أجناس مختلفة: من مطعوم ومشروب وملبوس ومسكون ونقد وغير ذلك، وإذا ملك الرجل من أحد أجناس المال ما يعدل ألف دينار مثلا، لم يلزم من ذلك أن يستغني عن سائر أجناس المال، بل إذا كان عنده مال وهو طعام فهو محتاج إلى لباس ومسكن وغير ذلك، وكذلك إن كان من جنس غير النقد فهو محتاج إلى غيره، وإن لم يكن معه إلا النقد فهو محتاج إلى جميع الأنواع التي يحتاج إلى أنواعها ومنافعها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/131).

وراجع للفائدة جواب السؤال رقم: (10022).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب