الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل تستحب قراءة سورة البقرة وآل عمران يوميا؟

504255

تاريخ النشر : 15-05-2024

المشاهدات : 6092

السؤال

كيف يمكن لشخص مشغول أن يفعل ذلك؟ هل يمكن أن يفعل ذلك على فترات كل بضعة أيام؟هل يجب قراءة السورتين أم واحدة فقط؟ كم مرة ينبغي قراءتها؟ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ

الجواب

الحمد لله.

روى مسلم (804) عن مُعَاوِيَة - يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ -، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: 

اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ. اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا.

اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ

 .

قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ.

في هذا الحديث بيان فضل سورتي البقرة وآل عمران، والحث على تلاوتهما.

ولم يرد لهذه التلاوة توقيت محدد، بل هو مطلق، فالمقصود حث المسلم على أن يواظب على تلاوتهما.

جاء في "الميسر في شرح مصابيح السنة" للتوربشتي (2 / 493):

" ( فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ): المواظبة على تلاوتها، والعمل بها، والمصابرة على ما تستدعى إليه من مساورة النفوس، ومخالفة الهوى. والله أعلم " انتهى.

وقال الشيخ محمد بن علي بن آدم الإتيوبي رحمه الله تعالى:

" ( فَإِنَّ أَخْذَهَا ) أي المواظبة على تلاوتها، والتدبّر في معانيها، والعمل بما فيها " انتهى. "البحر المحيط " (16 / 351).

ومن الوظائف المؤكدة على المسلم، لا سيما قارئ القرآن: ألا يمر عليه يوم، لا ينظر فيه في كتاب الله، بل ينبغي عليه تعاهده، تلاوة، وحفظا، وتدبرا، وتفهما. وأن يكون له من القرآن حزب =أي:ورد=، لا يدعه من يومه وليلته، كل بحسب طاقته.

قال الله تعالى:

كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ص /29.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود " انتهى. "تفسير السعدي" (ص 712).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ:  "أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا ، فَتَقُولُ : نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا ، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ .

فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : القَنِي بِهِ ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ ، فَقَالَ :  كَيْفَ تَصُومُ ؟ ، قَالَ : كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ :  وَكَيْفَ تَخْتِمُ ؟ ، قَالَ : كُلَّ لَيْلَةٍ ، قَالَ : صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةً ، وَاقْرَأ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ  

قَالَ : قُلْتُ : أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الجُمُعَةِ 

قُلْتُ : أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

قَالَ : أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا

قَالَ : قُلْتُ : أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

قَالَ: صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ ، صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً 

فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ القُرْآنِ بِالنَّهَارِ ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ ، لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا ، وَأَحْصَى ، وَصَامَ مِثْلَهُنَّ ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ " .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : " وَقَالَ بَعْضُهُمْ : فِي ثَلاَثٍ ، وَفِي خَمْسٍ ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ ."

رواه البخاري (5052) تحت باب " في كم يقرأ القرآن " ، ومسلم (1159) تحت باب " النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ، أو فوت به حقا ، أو لم يفطر العيدين والتشريق ، وبيان تفضيل صوم يوم ، وإفطار يوم " .

وروى سعيد بن منصور في التفسير من سننه (2 / 442) بسنده عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قال: قال عبد الله: " اقرؤا القرآن في سبع، ولا تقرؤه فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلْيُحَافِظِ الرَّجُلُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ عَلَى جزئه " وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 /97).

قال ابن رجب رحمه الله :

" ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل : كثرة تلاوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم .

قال خباب بن الأرت لرجل : تقرب إلى الله ما استطعت ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه .

وفي " الترمذي " عن أبي أمامة مرفوعا : ( ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه ) يعني القرآن – رواه الترمذي (2911) وقال : حديث غريب ، وضعفه الألباني -.

لا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم ، فهو لذة قلوبهم ، وغاية مطلوبهم .

قال عثمان : لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم .

وقال ابن مسعود : من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله .

قال بعض العارفين لمريد : أتحفظ القرآن ؟ قال : لا ، فقال : واغوثاه بالله ! مريد لا يحفظ القرآن !! فبم يتنعم ؟! فبم يترنم ؟! فبم يناجي ربه عز وجل " انتهى من " جامع العلوم والحكم " (ص/364).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (161367) ورقم (147067) ورقم (265681)

والحاصل:

أنه ينبغي تعاهد القرآن كله، فلا يمر شهر، إلا وقد أتم ختمة واحدة منه، على الأقل.

فإن تأخر، فلا ينبغي أن  يزيد في ختمته على أربعين يوما.

وإن كانت له همة، ونهمة في القراءة، فله أن يقرأه في ثلاث.

وأما سورة البقرة وآل عمران، فإن استطاع أن يتعاهدهما بتلاوته، حتى يحفظهما عن ظهر قلب؛ فقد حصل خيرا كثيرا.

وإن أكثر من شيء من القرآن، فليكثر من قراءة سورة البقرة، وإن أمكن أن يكون لها ورد خاص، يتبرك بها، ويستشفي، ويستدفع شر السحرة  وشياطين الإنس والجن؛ فهو خير عظيم.

وإن كان لم يرد في ذلك توقيت خاص، فيختار المرء لنفسه من ذلك ما يقوى عليه، ويناسب ظروفه وأشغاله، ويتوسط  في ذلك، فلا يشق على نفسه حتى ينقطع، ولا يتراخى، فيحرم  بركة ذلك كله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب