الحمد لله.
أولاً:
هذا الحديث رواه الإمام أحمد (22101) ، والترمذي (1174) ، وابن ماجه (2014) ، والطبراني في “الكبير” (224) ، وأبو نعيم في “الحلية” (5/220) من طريق إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاشٍ ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ : لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ، يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا ).
وقد اختلف أهل العلم في صحته.
فمال الترمذي إلى تحسينه، فقال بعد روايته: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَرِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّامِيِّينَ أَصْلَحُ، وَلَهُ عَنْ أَهْلِ الحِجَازِ وَأَهْلِ العِرَاقِ مَنَاكِيرُ. انتهى. ونقل تحسينه النووي في “رياض الصالحين”، (112)، والحافظ العراقي في “تخريج الإحياء” (2/1014).
وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”، وحسنه محققو المسند.
وفي بعض نسخ “الترمذي”: لم يحسنه، بل قال: ” غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه”. كذا في “تحفة الأشراف” (8/413).
وجاء في المسند المصنف المعلل(24/ 467):
إِسناده ضعيفٌ؛ إِسماعيل بن عياش أَبو عُتبة الحِمصي، ليس بحجة. انظر فوائد الحديث رقم (1886).
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أَبا زُرعَة، وذكر الحديث الذي رواه نُعيم بن حماد، عن بقية، عن بَحِير بن سعد، عن خالد بن مَعدان، عن كثير بن مُرَّة الحضرمي، عن معاذ بن جبل، عن النبي صَلى الله عَليه وسَلم قال: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل عسى أن يفارقك.
قال أَبو زُرعَة: ما أدري من أين جاء به نعيم، أراه شبه على نعيم، لم يرو هذا الحديث عن بحير غير إسماعيل بن عياش، إلا أن يكون بقية، عن إسماعيل بن عياش.
وذكر أَبو زُرعَة؛ أن هذا الحديث ليس عندهم بحمص في كتب بقية. انتهى.
(انظر: العلل لابن أبي حاتم (4/ 72 ت الحميد).
وقوله: (يوشك أن يفارقك): يعني أنه إنما يمكث في الدنيا زمانا قليلا، ثم ينتقل عنها إلى الآخرة.
جاء في المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 89): “يوشك”؛ أي: يَقرُب “أن يُفارقك إلينا”؛ أي: عن قريبٍ يتركُك بأن يموتَ ويصلَ إلينا
وقد سبق في الموقع بيان معنى الحديث بما يغني عن الإعادة، فليرجع إليه (209985).
ثانياً:
أما ما سألتِ عنه بخصوص: هل يختص ما ورد فيه بالرجال الصالحين القائمين والمعاشرين زوجاتهم بالمعروف أم على كل الرجال؟
فلم نقف على تحديد وتوصيف للزوج الذي ورد ذكره في الحديث، لكن المفهوم من الحديث أن يكون الزوج من أهل الجنة، وهذا واضح؛ فإن الحور العين: إنما تكون من نعيم الجنة.
ثالثاً:
وأما سؤالك: هل هناك ترهيب لمن يؤذي زوجته من الرجال بالكلام المؤذي، أو باليد وغيرهم؟
فنعم؛ ورد الترغيب والحث على حسن معاملة الزوجة، والترهيب لمن يسيء معاملتها.
قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء: 19].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “أي: طيِّبوا أقوالكم لهن، وحسِّنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف [البقرة:228]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه” انتهى من “تفسير ابن كثير” (2/ 242).
وقال صلى الله عليه وسلم: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري (3331).
وقال: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي). رواه الترمذي (3895) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وذم الذين اشتكت منهم زوجاتهم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُم ) رواه أبو داود (2146) وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) رواه أحمد (2/439) والشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة (1015).
ومعنى: (أُحَرِّجُ): أُلحق الحرج، وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيراً بليغاً، وأزجر عنه زجرا أكيداً.
والله أعلم
تعليق