لا بأس بهذا الدعاء لمن كانت هذه حاله، وأما من عرف من نفسه الصبر على الفقر فلا يدعو بهذا؛ لأنه لن يكون صادقاً حينها.
ما حكم الدعاء بــ (اللهم إني لا أصلح للفقر ولا الفقر يصلح لي)؟
السؤال: 506013
سمعت بعض الناس يقولون هذا الدعاء أود أن أتأكد من صحته الدعاء هو" اللهم إني لا أصلح للفقر ولا الفقر يصلح لي . اللهم أغنني من فضلك، حتى أكون غنيًا مكتفيًا مستغنيًا منفقا يا الله " فهل هذا الدعاء صحيح؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً:
لا بأس بالدعاء بمثل هذا ، لمن عرف من حاله كذلك، وقوله : (اللهم إني لا أصلح للفقر ولا الفقر يصلح لي) قد روي نحوه عن سعد بن عبادة رضي الله عنه.
فقد كان يدعو : "اللَّهُمَّ هَبْ لِي حَمْدًا، وَهَبْ لِي مَجْدًا، لَا مَجْدَ إِلَّا بِفِعَالٍ، وَلَا فِعَالَ إِلَّا بِمَالٍ، اللَّهُمَّ لَا يُصْلِحُنِي الْقَلِيلُ، وَلَا أَصْلُحُ عَلَيْه. وكان له مُنادٍ يُنَادِي عَلَى أَطَمَةٍ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الشَّحْمَ وَاللَّحْمَ ، فَلْيَأْتِ سَعْدًا".
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/332)، والحاكم في المستدرك 5170 (3/ 308)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 94) وحكم عليه المحقق على المستدرك (الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله) بالانقطاع.
وله شاهد في الفوائد الشهير بالغيلانيات لأبي بكر الشافعي (2/ 777):
عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، كَانَ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ وَسِّعْ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ لَا يَسَعُنِي إِلَّا الْكَثِيرُ.
قال ابن عساكر رحمه الله: "والحكاية عن سعد بن عبادة مشهورة" تاريخ دمشق (20/263).
وقد أورد ابن القيم رحمه الله نحوه عن بعض السلف، ولم يعقب عليه.
فقال في ثنايا كلامه عن فوائد المال: ": "فهو مرقاة يصعد فيها إلى أعلى غرف الجنة، ويهبط منها إلى أسفل سافلين، وهو مقيم مجد الماجد، كما كان بعض السلف يقول: "اللهم لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال " .
وكان بعضهم يقول: "اللهم إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى".
وهو من أسباب رضى الله عن العبد، كما يكون من أسباب سخطه عليه" انتهى من "عدة الصابرين" (1/502).
ثانياً:
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ رواه أبو داود (5090)، والنسائي (1347)، وصححه الألباني.
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ" رواه مسلم (2713).
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم من عليه دين أن يقول: " اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ" رواه الترمذي (3563) ، وحسنه الألباني.
ولا بأس بطلب الغنى من الله تعالى غير المطغي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : :لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى ، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ" رواه أحمد (23158) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " (174) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه: "يَا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ" رواه أحمد (17096).
وقال: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا" رواه البخاري (73) ومسلم (816).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ" رواه مسلم (2965).
فالغني إذا أدى حق الله تعالى، وحق الناس، ولم يسرف ولم يبذر، وأنفق في سبيل الله، كان غناه نعمة وخيراً له. ينظر: إجابة رقم (288326) ، (389747).
ولو اكتفى من ذلك كله بدعاء: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)، لكان أحسن له، وأعظم في تفويض الأمر في الخيرة إلى العليم الخبير.
قال ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (14/ 305):
"فإن فتنة السراء أعظم من فتنة الضراء.
كما قال بعض السلف: ابتلينا بالضراء فصبرنا. وابتلينا بالسراء فلم نصبر. وفي الحديث "أعوذ بك من فتنة الفقر. وشر فتنة الغنى" . والفقر: يصلح عليه خلق كثير.
والغنى: لا يصلح عليه إلا أقل منهم. ولهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين. لأن فتنة الفقر أهون وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر. لكن لما كان في السراء: اللذة. وفي الضراء: الألم. اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في الضراء" انتهى.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (227973).
وخلاصة الجواب:
لا بأس بهذا الدعاء لمن كانت هذه حاله، وأما من عرف من نفسه الصبر على الفقر فلا يدعو بهذا؛ لأنه لن يكون صادقاً حينها.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟