الحمد لله.
لم نقف على ما يدل على وجود منزلة في الجنة باسم الرضا أو الرضوان، بل أهل الجنة كلهم أهل الرضا والرضوان.
قال الله تعالى:
قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ آل عمران/15.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” ( وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ )، أي: يُحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم بعده أبدا؛ ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى التي في براءة: ( وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ )، أي: أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم ” انتهى. “تفسير ابن كثير” (2 / 327).
فأهل الجنة يكونون راضين عن الله تعالى، والله تعالى راض عنهم.
قال الله تعالى:
يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِيالفجر/27 – 30.
وقال الله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ البيّنة/7 – 8.
وروى البخاري (6549)، ومسلم (2829) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا.
وأما الفردوس فهو منزلة المقربين، وهو أعلى الجنة، وسقف هذه الجنة عرش الرحمن سبحانه وتعالى.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُنَبِّئُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟
قالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ رواه البخاري (7423).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” أنزه الموجودات وأطهرها وأنورها وأشرفها وأعلاها ذاتا وقدرا وأوسعها: عرش الرحمن جل جلاله، ولذلك صلح لاستوائه عليه.
وكلّ ما كان أقرب إلى العرش؛ كان أنور وأنزه وأشرف مما بعد عنه. ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى الجنان وأشرفها وأنورها وأجلّها؛ لقربِها من العرش؛ إذ هو سقفها ” انتهى. “الفوائد” (ص38).
والله أعلم.
تعليق