الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

انتكس بعد توبته

5092

تاريخ النشر : 05-02-2000

المشاهدات : 32564

السؤال

تربيت في بيت عائلتي المسلمة الملتزمة في الغرب ، مع الأسف في سن المراهقة سمحت لنفسي أن يقودها الشيطان واقترفت العديد من الذنوب خلال سنوات حتى أنني خرجت عن الإسلام.
حاولت التوبة والعودة خلال السنتين الماضيتين ، أديت أركان الإسلام الخمسة جميعها وتصدقت بكرم وشاركت في الدعوة وساعدت المسلمين ، أحسن معاملة زوجتي ووالداي.
مع ذلك فإن قلبي يتردد كثيرا ، بعض الأحيان أكون مقتنع جدا بالحق ولكن في الغالب أنا صم بكم اكتشف كثيراً أن قلبي مغرور جداً ، ذنوب وكره للحق.
حاولت كثيراً أن أكبت هذه الأحاسيس السلبية ولكنني لم أستطع أن أتجاوزها. أريد أن أصبح مسلم ثانية ولكنني حاليا في موقف سلمت نفسي فيه لحياة الطاغوت.
قرأت كتباً لا عد لها واستمعت لمحاضرات كثيرة ولكن بدون جدوى.أريد أن أنجح في هذه الحياة وأنجو من النار. ما الذي أستطيع أن أفعله ؟ هل يجب أن أقول الشهادة مرة أخرى ؟ أرجو أن تساعدني .

الجواب

الحمد لله.


سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي : أنا شاب قد أسرفت على نفسي في المعاصي كثيرا ، حتى أنني لا أصلي في المسجد ولم أصم رمضان كاملا في حياتي ، وأعمل أعمالا قبيحة أخرى ، وكثيرا ما عاهدت نفسي على التوبة ، ولكني أعود إلى المعصية وأنا أصاحب شبابا في حينا ليسوا مستقيمين تماما ، كما أن أصدقاء إخواني كثيرا ما يأتوننا في البيت وهم أيضا ليسوا صالحين ، ويعلم الله أنني أسرفت على نفسي كثيرا في المعاصي وعملت أعمالا شنيعة ، ولكنني كلما عزمت على التوبة أعود مرة ثانية كما كنت . أرجو أن تدلوني على طريق يقربني إلى ربي ويبعدني عن هذه الأعمال السيئة .

فأجاب رحمه الله تعالى : يقول الله عز و جل : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) سورة الزمر أجمع العلماء أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن التائبين ، فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحا غفر الله له ذنوبه جميعا لهذه الآية الكريمة ، ولقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، سورة التحريم  فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح ، وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها ، والندم على ما سلف منها ، والعزم الصادق على أن لا يعود فيها تعظيما لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذرا من عقابه .

ومن شرائط التوبة النصوح رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها إذا كانت المعصية مظلمة في دم أو مال أو عرض ، وإذا لم يتيسر استحلال أخيه من عرضه دعا له كثيرا وذكره بأحسن أعماله التي يعلمها عنه في المواضع التي اغتابه فيها ، فإن الحسنات تكفر السيئات ، وقال سبحانه : ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) سورة النور، فعلق عز وجل في هذه الآية الفلاح بالتوبة ، فدل ذلك على أن التائب مفلح سعيد ، وإذا أتبع التائب توبته بالإيمان والعمل الصالح محا الله سيئاته وأبدلها حسنات ، كما قال سبحانه في سورة الفرقان لما ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) سورة الفرقان .

ومن أسباب التوبة الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله الهداية و التوفيق وأن يمن عليك بالتوبة وهو القائل سبحانه : ( ادعوني أستجب لكم ) غافر ، وهو القائل عز و جل : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) سورة البقرة .

ومن أسباب التوبة أيضا والاستقامة عليها صحبة الأخيار والتأسي بهم في أعمالهم الصالحة والبعد عن صحبة الأشرار وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كصاحب المسك إما أن يحذيك - أي يهديك هدية - وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) . مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ، فتاوى العقيدة القسم الثاني ص640 .

أما بالنسبة لتجديد إسلامك فإن كنت فعلت ما يُخرجك عن الإسلام بالكلية فعليك بنطق الشهادتين والدّخول في دين الإسلام الذي خرجت منه وإن كان ما فعلته ذنوبا وكبائر لا تُخرجك من ملة الإسلام فتكفيك التوبة بشروطها كما تقدّم ، واحذر اليأس من رحمة الله واسلك سُبُل النجاة ، وفقنا الله وإياك لكل خير ، وصلى الله على نبينا محمد .

نسأل الله عز و جل أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح وأن يتجاوز عنا وعنك وأن يفرج عنك ما أنت فيه وأن يجمعنا وإياك في جنات النعيم إخوانا على سرر متقابلين آمين .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد