الحمد لله.
أولا:
الهبة المقيدة تستعمل فيما أراده الواهب.
فمن وهب له مال ليتزوج به، فليس له أن يستعمله في غير ذلك.
جاء في "أسنى المطالب" للشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله (2/ 479):
" (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ هَذَا (إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ) بِالْعِمَامَةِ (وَتَنْظِيفَهُ) بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ (فَلَا) تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ." انتهى.
وقال الشيخ سليمان بن عمر الجمل رحمه الله: " لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ " انتهى من "حاشية الجمل على شرح المنهج" (2/ 328).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "القاعدة عندنا في هذا: أن من أخذ من الناس أموالاً لشيء معين، فإنه لا يصرفها في غيره إلا بعد استئذانهم " انتهى من "اللقاء الشهري" (4/ 9).
ثانيا:
إذا تم الزواج، ثم حصل الطلاق، ورجع نصف المهر إليك، فإن كانوا إنما أعطوك لأجل الزواج-وهو الظاهر، فإنك ترد بقية المال إليهم، أو تتزوج به.
وسواء في ذلك ما بقي في يدك من نفقات الزواج، بعد دفع المهر، ونصف المهر الذي رد إليك.
قال البراذعي، في "تهذيب المدونة":
"والمكاتب: إذا أعانه قوم في كتابته بمال، فأدى منه كتابته، وفضلت فضلة:
فإن أعانوه، بمعنى الفَكاك لرقبته لا صدقة عليه، فليرد عليهم الفضلة بالحصص، أو يحللوه منها، وإن عجز فكلما قبض منه السيد قبل العجز، حل له كان من كسب العبد أو من صدقة عليه، وأما لو أعين به على فكاك رقبته، ولم يف ذلك بكتابته، كان لكل من أعانه الرجوع بما أعطى، إلا أن يحلل منه المكاتب فيكون له، ولو أعانوه صدقة لا على الفكاك، فذلك إن عجز حل لسيده". انتهى، من "التهذيب في اختصار المدونة" (2/ 564). وينظر: "المدونة" (2/ 473).
وقوله بمعنى الفكاك: مراده أن قصدهم وغرضهم من الإعانة: فكاك رقبته.
وقال الشيخ عليش المالكي، رحمه الله:
" المكاتب: إن أعانه قوم في كتابته بمال، فأداها منه، وفضلت فضلة:
فإن أعانوه بمعنى الفكاك لرقبته، لا صدقة عليه: فليرد إليهم الفضلة بالحصص، أو يحللوه منها. وإن عجز، فكل ما قبض السيد منه قبل عجزه: حل له، كان من كسب العبد أو صدقة عليه.
وأما لو أعين في فكاك رقبته، فلم يفِ ذلك بكتابته: فلكل من أعانه الرجوع بما أعطى، إلا أن يحلل المكاتب منه، فيكون له.
ولو أعانوه بصدقة، لا على الفكاك: فذلك لسيده إن عجز اهـ. الوانوغي. ظاهرها: يسيرة كانت أو كثيرة. وقُيِّدت بالكثيرة. ويشهد له ما في كتاب الجهاد والقذف، وما أشار إليه المازري وغيره في القراض. اهـ.
يعني فضل الطعام والعلف المأخوذ من الغنيمة للحاجة، وفضلة نفقة الزوجة وكسوتها بعد موت أحد الزوجين، وفضلة مؤنة عامل القراض، وفضلة الحد الذي قذف في أثنائه.
الجزولي: كل من دفع إليه مال لأمر ما، كعلم وصلاح وفقر، ولم يكن فيه ذلك الأمر: فإنه يجب عليه عدم قبوله، وإن قبله فيجب عليه رده، ويحرم عليه أكله فقد أكل حراما". انتهى، من "منح الجليل شرح مختصر خليل" (9/ 474).
وإذا تزوجت، وطلقت قبل الدخول: فلا شك أن هدف تزويجك لم يتحقق.
فإما أن تتزوج بهذا المال، أو ترده إلى من تبرع به، كل بحسب حصته مما أعطاك.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (191708)، ورقم: (352180).
والله أعلم.
تعليق