الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما وجه تفاوت الزمن في عذاب القبر ونعيمه بين الأمم السابقة ومن عاش في آخر الزمان؟

531116

تاريخ النشر : 06-10-2024

المشاهدات : 678

السؤال

لماذا يوجد تفاوت بين الوقت الذي سيمر على الشخص المنعم أو المعذب فى القبر، حيث إن مثلا فرعون يعذب من زمان بعيد على عكس من سيعذب لو مات فى وقتنا الحاضر، أو من مات قبيل قيام الساعة، فهذا خلاف عذاب النار فى الآخرة حيث الكل سيبدأ مع بعضه؟

الجواب

الحمد لله.

عالم البرزخ يختلف عن عالمنا، فحساب الزمن فيه ليس كحسابه في عالمنا، فالميت لا يشعر بالزمن كشعوره به في الدنيا. ويدل لذلك ما جاء في الكتاب العزيز من أنّهم حين يبعثون يسألون عن مدة لبثهم في عالم البرزخ ظانين أنهم لبثوا يوما أو بعض يوم.

قال تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ(الروم/55.

قال ابن جرير رحمه الله:

"يقول تعالى ذكره: ويوم تجيء ساعة البعث، فيبعث الخلق من قبورهم، يقسم المجرمون، وهم الذين كانوا يكفرون بالله في الدنيا، ويكتسبون فيها الآثام، وإقسامهم: حلفهم بالله {ما لبثوا غير ساعة} يقول: يقسمون بأنهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعة واحدة» انتهى من "تفسير الطبري" (18/ 526).

وقال تعالى: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار}، وقوله {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} ، وكقوله {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين}.

قال ابن كثير رحمه الله بعد أن أورد الآيات الكريمة المذكورة:

وحاصل ذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في الدنيا، وفي البرزخ، حين عاينوا يوم القيامة وشدائدها وطولها. انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/305).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" اعلم أن الزمن بالنسبة للميت يذهب سريعا ، كأنه ليس بشيء ، أمات الله رجلا مائة عام، فلما بعثه: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )؛ وهي مائة سنة.

كذلك أهل الكهف: لبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا، وهو نوم ، والنوم ليس كالموت ، الموت أسرع في ذهاب الوقت.

وهؤلاء الأموات الذين ماتوا لهم منذ سنين طويلة تجدهم كأنهم ما مرت عليهم دهور طويلة ، كأنهم الآن ماتوا ، قال الله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين.

والحاصل:

أن الإشكال الوارد في سؤال لا محل له أصلا، ولا وجه لاستشكاله، لأنه قاس أمور البرزخ، والآخرة، على ما يعهده من أحوال الدنيا، وبينهما بون شاسع. وهذا أمر غيبي لا يدرك بنظر ولا قياس. فكيف إذا كان النص قد صرح أنه لا يصح إجراء القياس على الزمانين، وأن شعور أهل القبور بالزمان الذي يمر عليهم، ليس هو كشعور الأحياء؟!

والله أعلم.
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب