الحمد لله.
أولاً:
فيما يخص تعارف أهل الجنة، فقد ورد ما يدل على أنهم يلتقون ببعضهم ويجتمعون ويتعارفون، ولكن تفاصيل الأمور الغيبية لا يمكن القول فيها، نفيا أو إثباتا، إلا بدليل.
ومما ورد في ذلك على الإجمال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ في الْجنَّةِ لسُوقًا يأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعةٍ. فتَهُبُّ رِيحُ الشَّمالِ، فَتحثُو في وُجُوهِهِمْ وثِيَابِهِمْ، فَيزْدادُونَ حُسْنًا وجَمالًا. فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ، وقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ حُسْنًا وَجَمَالًا، فَيقُولُونَ: وأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْددْتُمْ بعْدَنَا حُسنًا وَجمالًا رواهُ مُسلِمٌ (2833).
ومن ذلك ما يدل عليه قوله تعالى: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ الصافات/ 50-53.
قال ابن كثير رحمه الله :” يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهُ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ، أَيْ: عَنْ أَحْوَالِهِمْ، وَكَيْفَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، وَمَاذَا كَانُوا يُعَانُونَ فِيهَا؟ وَذَلِكَ مِنْ حَدِيثِهِمْ عَلَى شَرَابِهِمْ، وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي تُنَادِمِهِمْ وَعِشْرَتِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى السُّرُرِ، وَالْخَدَمِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يَسْعَوْنَ وَيَجِيئُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ عَظِيمٍ، مِنْ مَآكِلَ وَمُشَارِبَ وَمَلَابِسَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (7/15).
قال ابن القيم في حادي الأرواح:
“عن أبي أيوب يرفعه إن أهل الجنة يتزاورون على النجائب، فأهل الجنة يتزاورون فيها، ويستزير بعضهم بعضا، وبذلك تتم لذتهم وسرورهم” انتهى من “حادي الأرواح” (ص260).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
إذا دخل الإنسان الجنة هل يتعرف على أقاربه؟
فأجاب:
نعم، يتعرف على أقاربه وغيرهم من كل ما يأتيه سرور قلبه؛ لقول الله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
ثانياً:
أما تعرف الشاب على فتاة والزواج منها، فهذا افتراض نظري فقط ، ولا وجود له في الجنة؛ لأنّ الوحي أخبرنا أنه لا أعزب في الجنة.
فعن أَبي هُرَيْرَةَ: قال أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ رواه مسلم (2834).
والزواج من متاع أهل الجنة ، وأهل الجنة لا يكون لهم من المتاع إلا ما تشتهيه أنفسهم ، سالما من كل منغص تكرهه نفوسهم، أو يكدر نعيمهم فيها. قال الله تعالى : وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَفصلت /31.
وقال الله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَالزخرف /71.
فيتضح من هذا؛ أنهم مادام سيمتعون كلهم بالزواج ، فإنه ستشتهيه أنفسهم حتما، وأنه لن يرفض الزواج أحد من أهل الجنة.
وقد سبق في الموقع إجابات فيما يتعلق بزواج أهل الجنة فيحسن الرجوع إليها :(131761)، (242945).
والله أعلم.
تعليق