الحمد لله.
أولا:
يجوز بيع المرابحة للآمر أو الواعد بالشراء، إذا توفرت شروطه، وانتتفت المحاذير.
ومن ذلك أن يتملك البنك العقار ويقبضه قبل أن يبيعه على العميل، وأن يخلو العقد من شرط غرامة على التأخر في سداد الأقساط، أو شرط تعليق الملكية على السداد، ويجوز رهن العقار أو حظر بيعه على العميل حتى سداد الأقساط.
وينظر الفرق بين حظر البيع، وتعليق الملكية، في جواب السؤال رقم: (511105)، ورقم: (388394).
ثانيا:
اشتراط دفع ما يسمى بهامش الجدية، أجازه بعض العلماء بشرطين:
الأول: ألا يستعمله البائع في مرحلة الوعد، بل يبقى أمانة عنده.
الثاني: أنه إن رجع المشتري عن وعده، فلم يشتر، فإنه لا يؤخذ منه إلا مقدار الضرر الفعلي الواقع على البائع – إن وجد.
والمراد بالضرر الفعلي أن يخسر البائع في بيعه للسلعة بسبب عدول المشتري عن الشراء ، فلو أن البائع كان قد اشترى السلعة بألف مثلا، من أجل الواعد، ثم نكل الواعد ولم يشتر منه، فيقال للبائع: بع السلعة لغيره، أو رُدّها على بائعها الأول، فإن حصل له أقل من الألف التي دفعها، ألزم الواعد بتحمل هذا النقص.
ومن أهل العلم من منع أخذ هامش الجدية في مرحلة الوعد ، مطلقا .
وهذا هو القول الراجح في المسألة ، وهو مقتضى قول جمهور أهل العلم في مثل ذلك ، وهو الذي نفتي به في الموقع .
وينظر: جواب السؤال رقم: (229091).
ثالثا:
أجاز بعض أهل العلم الوعد الملزم في المرابحة إذا كان الإلزام لطرف واحد، وهو العميل، بحيث يترتب على الإلزام تحميله الضرر الفعلي في حال نكوله.
وبهذا أخذ مجمع الفقه الإسلامي.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الوعد في المرابحة،: ” الوعد – وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد – يكون ملزماً للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقاً على سبب ، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلاً بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر ” انتهى من “مجلة المجمع” (ع 5، ج 2 ص 753 و 965).
وجاء في “المعايير الشرعية”، ص 109: ” “لا يجوز أن تشتمل وثيقة الوعد أو ما في حكمها على مواعدة ملزمة للطرفين (المؤسسة والعميل)“.
وجاء في ملحق المعيار ص122: “ويمكن إلزام العميل بوعده ، استناداً إلى عمومات الأدلة من القراَن والسنة بوجوب الوفاء بالعهد والوعد. وقد ورد بشأن الإلزام بالوعد من طرف واحد قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وفتوى بيت التمويل الكويتي، ومصرف قطر الإسلامي، وغيرها” انتهى.
والقول الراجح، وهو المفتى به عندنا في الموقع: عدم جواز الإلزام بالوعد، لا لطرف واحد، ولا للطرفين من باب أولى، وبه تفتي اللجنة الدائمة، والشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، وغيرهم.
رابعا:
إلزام العميل بالتأمين على العقار خلال مدة المرابحة هو من الإلزام بغير ما يلزم؛ لأن العقار ملكه، وله أن يؤمن أو لا يؤمن.
فإن قبل العميل الشرط، فلا حرج، إذا كان التأمين تعاونيا.
فإن لم يوجد إلا التأمين التجاري، لم يجز الدخول في المعاملة.
وقد بينا الفرق بين التأمين التعاوني والتجاري في جواب السؤال رقم: (205100)، ورقم: (36955).
والحاصل:
أن العقد المسؤول عنه مشتمل على أمور مختلف فيها، ولا حرج على من قلد القائلين بالجواز، إذا كان يتدين بذلك، ويثق في قول من يفتيه به.
فإن ترجح عنده المنع، أو كان من يفتي به أوثق -عنده- في دينه وعلمه: لزمه تقليده.
وينظر تفصيل الكلام في بيع المرابحة على موقعنا.
والله أعلم
تعليق