الحمد لله.
العمل في صناعة هذه المواد ينبني على حكم بيعها، وفي ذلك تفصيل:
1-فما كان يستعمل في محرم غالبا، مثل كريم الحلاقة الذي يستعمل لحلق اللحى، فهذا لا يجوز بيعه ولا تصنيعه، وذلك أن حلق اللحية محرم، فتحرم الوسائل المؤدية إليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة" (4/386): " وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى.
وينظر في تحريم حلق اللحية جواب السؤال رقم: (82720).
فإن كان لا يغلب استعماله في حلق اللحى، بل يستعمل في حلق اللحية وفي حلق القفا والعانة مثلا، فلا حرج في تصنيعه، وبيعه جملة.
أما بائع التجزئة، فلا يجوز أن يبيعه لمن يعلم، أو يغلب على ظنه: أنه يستعمله في حلق اللحية.
2-العطور والكريمات وأدوات التجميل النسائية، إذا كانت تستعمل في البيوت، وفي الخارج، فلا حرج في صناعتها وبيعها جملة.
وأما بيعها تجزئة، فلا يجوز بيعها لمن يغلب على الظن أنها تستعمله أمام الرجال الأجانب، ويجوز بيعها لمن تستعمله في بيتها أو أمام محارمها، أو لمن جهل حالها؛ عملا بالأصل وهو حل البيع.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (9/211): " ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام، وكل تصرف يفضي إلى معصية، فهو محرم، فيمتنع بيع كل شيء عُلم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز.
فمن أمثلته عند المالكية: بيع الأمة لأهل الفساد، والأرض لتتخذ كنيسة أو خمارة، وبيع الخشب لمن يتخذه صليبا، والنحاس لمن يتخذه ناقوسا. قال الدسوقي: وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سرج، وكل ما يتقوون به في الحرب من نحاس أو خباء أو ماعون ...
ومن أمثلته عند الشافعية: بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه محرم، وخشب لمن يتخذه آلة لهو، وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة. وكذا بيع سلاح لنحو باغ وقاطع طريق , ...
ومن أمثلته عند الحنابلة: بيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق، أو في الفتنة، أو إجارة داره لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة، أو بيت نار وأشباه ذلك، فهذا حرام " انتهى.
وجاء فيها (9/210): " اشترط الجمهور للمنع من هذا البيع: أن يعلم البائع بقصد المشتري اتخاذ الخمر من العصير، فلو لم يعلم، لم يُكره بلا خلاف، كما ذكره القهستاني من الحنفية، وهو صريح كلام المرغيناني الآنف الذكر.
وكذلك قال ابن قدامة: إنما يحرم البيع إذا علم البائع قصد المشتري ذلك؛ إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.
أما الشافعية: فاكتفوا بظن البائع أن المشتري يعصر خمرا أو مسكرا، واختاره ابن تيمية.
أما إذا لم يعلم البائع بحال المشتري، أو كان المشتري ممن يعمل الخل والخمر معا، أو كان البائع يشك في حاله، أو يتوهم:
- فمذهب الجمهور الجواز، كما هو نص الحنفية والحنابلة.
- ومذهب الشافعية أن البيع في حال الشك أو التوهم مكروه" انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة:"ما حكم الاتجار في زينة النساء، وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع، كما يرى من حالها أمامه، وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟
فأجابوا:" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها، أو لم يعلم شيئاً، فيجوز له الاتجار فيها " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 67).
وقد بان بهذا الفرق بين المصنّع وبائع الجملة، وبين بائع التجزئة، فحيث كانت السلعة تستعمل في المباح، وفي المعصية؛ فإنه يجوز صناعتها وبيعها جملة.
ثم ينظر بائع التجزئة في حال مشتريها، فيجوز البيع إلا لمن علم أو غلب على الظن أنه يستعملها في المعصية.
وينظر: جواب السؤال رقم: (226322)، (247586).
والخلاصة:
كريمات الحلاقة إن كانت لا تستعمل إلا في حلق اللحى، فلا يجوز تصنيعها.
وأما أدوات التجميل النسائية، فإنها تستعمل في البلدان الإسلامية في المباح وفي المعصية، فيجوز صناعتها وبيعها جملة.
والله أعلم.
تعليق