هذا الحديث: إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ.
رواه الإمام أحمد في "المسند" (16 / 191)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص132)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10 / 341): عن يُونُس بْنِ مُحَمَّدٍ.
ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (ص35): عن مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
والبيهقي في "شعب الإيمان" (10 / 340): عن سَلْم بْن سُلَيْمَانَ.
والخطيب في "المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف" (1 / 318): عن مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيمَ.
الأربعة: ( يُونُس بْنِ مُحَمَّدٍ، ومُوسَى بْن إِسْمَاعِيلَ، وسَلْم بْن سُلَيْمَانَ، ومُسْلِم بْن إِبْرَاهِيمَ) يروونه: عَنْ الْخَزْرَج - يَعْنِي ابْن عُثْمَانَ السَّعْدِيَّ -، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ - يَعْنِي مَوْلَى عُثْمَانَ -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ. فذكر الحديث.
قال الهيثمي رحمه الله تعالى:
" رواه أحمد، ورجاله ثقات " انتهى. "مجمع الزوائد" (8 / 151).
وحسّن إسناده الشيخ شعيب ومن شاركه في تحقيق "المسند".
لكن مدار هذا الإسناد على الْخَزْرَج بن عُثْمَانَ السَّعْدِيّ، فقد تفرد برواية هذا الخبر عن أبي أيوب مولى عثمان.
والخزرج مُتَكلَّم فيه.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" الخزرج بن عثمان البصريّ: تكلّموا فيه " انتهى. "البداية والنهاية" (20 / 330).
وقد حكم عليه الدارقطني بالترك.
جاء في "سؤالات البرقاني للدارقطني" (ص27):
" قلت له: أحمد بن يونس، عن الخزرج بن عثمان، عن أبي أيوب، عن أبي هريرة.
فقال: الخزرج: بصري، يُترك… " انتهى.
وقد رجّح الشيخ شعيب رحمه الله تعالى تضعيف الخزرج، كما في "تحرير تقريب التهذيب" (1 / 359):
" بل ضعيف يعتبر به، فقد ذكره العجلي وابن حبان وابن شاهين في "الثقات"، ولكن قال الدارقطني: يترك. وقال أبو داود: شيخ بصري. وقول ابن معين يشبه الذي ذكرت، والله أعلم " انتهى.
وقد ضعّف الشيخ الألباني رحمه الله تعالى إسناد هذا الحديث في "إرواء الغليل" (4 / 105).
الخلاصة:
إسناد هذا الخبر لا يصح، لضعف راويه.
كما أن الذي في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة أن العرض في يوم الخميس لا ليلته، والتحذير فيه ليس من معصية قطع الرحم، بل التحذير من الشحناء والخصومة بين المسلمين مطلقا، وليس فيه عدم قبول أعمال المختصمين، بل فيه تأخير المغفرة لهما.
روى الإمام مسلم (2565): عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَرَّةً قَالَ: تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللهُ عز وجل فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.
وفي رواية له: عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.
قال ابن هبيرة رحمه الله تعالى:
"ومعنى ( ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا ) أي أخروهما حتى يرجعا عن التقاطع، وإنما يؤخر غفران ما بينهما؛ لأجل أن أمرهما لم ينفصل بعد بينهما، وفي هذا تحذير من العداوة واللجاج " انتهى. "الإفصاح عن معاني الصحاح" (8 / 74).
والله أعلم.