منطوق الحديث "من الليل"، ومفهومه أنه لا يطلب ذكره في غيره.
هل يشمل حديث (من تعار من الليل..) النوم أثناء النهار؟
السؤال: 573266
هل يشمل الحديث (من تعار من الليل..) من ينام أثناء النهار؟ أقصد أنا عادة أنام بعد صلاة الفجر، فإذا قلقت من نومي أقوم، وأفعل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون حينها وقت الضحى وقبل الظهر، فهل هذا يجوز؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: - عن عُبادةَ بن الصامتِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"من تعارَّ منَ الليلِ، فقالَ: لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ، ولهُ الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، الحمدُ لله، وسبحانَ الله، ولا إلهَ إلا الله، والله أكبرُ، ولا حوْلَ ولا قوَّة إلا بالله، ثم قالَ: اللهمَّ اغفِرْ لي، أو دعَا؛ استُجيبَ، فإنْ توضَّأَ؛ قُبلَتْ صلاتُه".
معنى "تعارّ" : أي انتبه واستيقظ.
وقيل: التعارّ: هو التيقظ مع صوت من استغفار أو تسبيح ونحوه.
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (3/40). وانظر: إجابة رقم: (356474).
ثانياً:
الأصل من قوله (من الليل) أنه قيد وشرط، فيكون الحديث خاصاً بنوم الليل، ومما يدل عليه عدة أمور:
1- ظاهر صنيع بعض الأئمة في تبويبهم للحديث، بأن هذا الفضل خاص بمن استيقظ من نوم الليل، إعمالاً للقيد المذكور في نفس الرواية: (من الليل).
قال الإمام ابن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه (6/30): "الرَّجُلُ يَتَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، مَا يَدْعُو بِهِ؟"
وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: "باب فضلِ مَن تعارَّ من الليلِ، فصلَّى".
وقال الإمام أبو داود رحمه الله في سننه: "باب ما يقولُ إذا تعارَّ من الليلِ" حديث (5060).
وقال الإمام الترمذي رحمه الله: " بَاب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ مِنَ اللَّيْلِ" حديث (3414).
وقال الإمام ابن ماجه رحمه الله في سننه: " بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ اللَّيْلِ" (3878).
وقال الإمام ابن حبان رحمه الله في صحيحه: "ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي إِذَا قَالَهُ الْمَرْءُ عِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنْ رَقْدَتِهِ قُبِلَتْ صَلَاةُ لَيْلِهِ إِذَا أَعْقَبَهُ بِهَا" حديث (2596).
وقال الإمام البيهقي رحمه الله في "السنن الكبرى" (3/ 7): "بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّد"ُ
وقال الإمام البغوي رحمه الله في "شرح السنة" (4/ 68): "باب ما يقول إذا قام من الليل".
وغيرهم كابن السني رحمه الله في عمل اليوم والليلة.
2- أن نفس لفظ "التعار": ظاهر كلام أهل اللغة: أنه إنما يكون في الاستيقاظ من الليل، ولهذا ربما عبر بعضهم عنه بـ"السهر".
قال الإمام إبراهيم الحربي: "قوله: " تعار يتعار تعارا ، وهو السهر والتقلب مع الكلام كأنه من عرار الظليم". انتهى، من "غريب الحديث" (1/ 202).
وقال الإمام الخطابي: " قوله: تعار، معناه استيقظ من نومه، وأصل التعار السهر، والتقلب على الفراش، ويقال: إنه لا يكون إلا مع كلام وصوت، وقيل: إنه مأخوذ من عِرار الظَّلِيم وهو صوته". انتهى، من "أعلام الحديث" (1/ 643).
وقال القاضي عياض، رحمه الله: قوله: إذا تعار من الليل [خ¦1154] مشدد الراء، قيل: استيقظ، وقيل: تكلم، وقيل: تمطى وأن، وقيل: انتبه، وفي البارع التعار: هو السهر والتقلب في الفراش، قال الحربي: ولا يكون إلا ومعه كلام أو دعاء، قال غيره: أو صوت، يقال: تعار في نومه يتعار تعارا، وجعله بعضهم من عرار الظليم؛ لأنه يشبه صوت القائم من النوم، وقال بعضهم: معناه تمطى بصوت، وهو أبين وأشبه بالمعنى والتفسير والعادة". انتهى، من "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (2/ 225).
ولذلك: لم نجد، كذلك، من أهل العلم: من صرح بإلغاء قيد الليل، وقال: إن التعار المذكور، يشمل الانتباه أثناء نومة النهار.
3- أن النوم المعهود الذي يحصل فيه الاستيقاظ في أثنائه هو النوم الطويل، والنوم الطويل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا في الليل. وأما القيلولة فزمنها يسير بدليل أنها تكون في وسط النهار. ينظر: إجابة رقم: (543264).
4- أن صلاة الليل تفضل على نفل النهار؛ لا سيما وأن الدعاء قد يصادف الثلث الأخير والدعاء فيه مستجاب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ رواه مسلم (1163).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ" رواه البخاري (1145) ، ومسلم (758).
فهذه كلها مما يبين أن المراد من الحديث: من استيقظ من نوم الليل، فقط. وأما إدخال نوم النهار يحتاج إلى دليل مستقل.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟