يجوز دفع الزكاة في حاجات الزواج الأساسية لمن لا يتسع ماله لتوفيرها، وأما الكماليات التي يغني عنها غيرها فليست محلاً للزكاة.
ما القدر الذي يعطاه المحتاج للزواج من مال الزكاة؟
السؤال: 598582
هل يجوز إخراج الزكاة لمساعدة شاب ذو دخل منخفض ومحتاج في الزواج؟ علماً بأن المبلغ أخرجته لاستئجار قاعة العرس؛ لأنه لا يستطيع أن يستأجرها بنفسه، وكان يرد أن يعملها في مكان مغلق وعدد محدود، ولكن أنا رفضت، وحجزت له القاعة من مال الزكاة؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً:
يجوز دفع الزكاة لمن أراد الزواج وليس له مال يكفيه لنفقات الزواج التي جرى بها العرف، فيُعطى من الزكاة ما يغطي حاجاته حسب ما جرى به العرف من نفقات الزواج لأمثاله؛ لأنه يدخل في صنف المساكين.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"صرف الزكاة للفقير الذي يريد أن يتزوج ويعف نفسه: جائز" انتهى "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (19/ 2 بترقيم الشاملة آليا).
وقال رحمه الله:
"رجل غني عنده ما يكفيه وعائلتَه، لكن محتاج إلى زواج، وليس عنده مهر: فنزوجه من الزكاة، ولو طلب زوجة ثانية نزوجه من الزكاة، ولو طلب ثالثة نزوجه، وكذلك رابعة فنزوجه، لأن حاجة الإنسان إلى النكاح كحاجته إلى الأكل والشرب، فيعطى مقدار حاجته، ولو بلغ أربع زوجات فلا مانع" انتهى "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (18/ 508).
وهذا كله مقيد بما إذا كان في مال الزكاة سعة لمثل ذلك، ولم يكن من هو أحوج منه، وأولى بالتقديم على من كان في مثل هذه الحال.
جاء في"الموسوعة الفقهية الكويتية" (23/316):
"وصرح المالكية وغيرهم بأن مال الزكاة: إن كان فيه سعة، يجوز الإعانة به لمن أراد الزواج" انتهى.
ثانياً:
الزواج ليس مصرفا خاصا من مصارف الزكاة؛ بل إنما يعطي المحتاج إلى الزواج من سهم الفقراء والمساكين، ما دام أنه عاجز عن نفقات الزواج وكلفته.
وعلى ذلك؛ فالأصل أنّ يتم تمليكه المال، متى كان مستحقا، ثم هو يضعه حيث يشاء من نفقات الزواج، وتكاليفه.
قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ التوبة/60.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فالتعبير مختلف بين الأربعة الأول، وبين الأربعة الأخر، الأربعة الأول كان التعبير باللام الدالة على التمليك، فلابد أن تملكهم، أي: تعطيهم الزكاة وتتركهم يفعلون ما شاءوا، وفي الأربعة الأخر كان التعبير بفي، وهي للظرفية لا للتمليك، قال تعالى: وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الغارمين : معطوف على الرقاب، فيكون التقدير "في" وعلى هذا فيجوز أن تذهب إلى الغريم الذي يطالب الفقير وتوفي عنه" " انتهى من " "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (18/34):
قال المرداوي رحمه الله:
"يشترط في إخراج الزكاة تمليك المعطَى، كما تقدم في آخر الباب الذي قبله، فلا يجوز أن يغدي الفقراء ولا يعشيهم" انتهى من "الإنصاف" (7/246).
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :عن رجل عليه زكاة ، هل يجوز له أن يعطيها لأقاربه المحتاجين، أو أن يشتري لهم منها ثياباً أو حبوباً ؟
فأجاب :
"يجوز أن يصرف الزكاة إلى من يستحقها، وإن كانوا من أقاربه الذين ليسوا في عياله، لكن يعطيهم من ماله، وهم يأذنون لمن يشتري لهم بها ما يريدون" انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/88).
ثالثًا:
الظاهر من السؤال أن صاحبك قد عزم على استئجار قاعة متواضعة تناسب حاله المادي، وهذا هو الأصل في النفقات؛ أنّ الإنسان ينفق على قدر سعته: لينفق ذو سعة من سعته.
بل من الناس من يكون ذا سعة في ماله، ثم لا تطيب نفسه بنفقات القاعات الزائدة، أو يرى هو من يصهر إليهم أن ذلك ضروري، فيدعونها، ويدبرون أنفسهم بأيسر من ذلك.
وكونك تريد أن تقدم له معروفا باستئجار قاعة أفخم وأكبر، فإن ذلك قدر زائد على ما يحتاج إليه لإعفاف نفسه، وما يلزمه من نفقات عرسه. فليكن ذلك من مالك أنت، لا من مال الزكاة، هدية لصاحبك، أو إحسانا إليه. وأما الزكاة: فلا يجوز أن يتحسب ذلك منها.
والخلاصة :
يجوز دفع الزكاة في حاجات الزواج الأساسية لمن لا يتسع ماله لتوفيرها، وأما الكماليات التي يغني عنها غيرها كالقاعات الفاخرة، وتكثير أعداد المدعوين فليست محلاً للزكاة، وما أخرجته في هذا الباب فلا يُعد من الزكاة، وإنما هو من باب الإحسان لصاحبك وتجعله هدية أو صدقة.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟