الحمد لله.
أولاً :
ينبغي للمسلم اجتناب الأماكن التي يُعصى الله عز وجل فيها ، ما أمكنه ذلك ، ولهذا فالأولى لكم تشجيع المحلات الإسلامية التي لا تبيع ما حرم الله ، ونصح أصحابها بتوفير ما تحتاجون إليه من السلع لما في ذلك من الفائدة العامة للجميع ، لكم ولأصحابها .
ثانيا :
أما شراء ما تحتاجون إليه من تلك المحلات المسئول عنها ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ، لا سيما عند الحاجة إلى ذلك ، وعدم توفر هذه السلع عند غيرها من المحلات التي لا تبيع المحرمات .
وليكن وجودكم في هذه المحلات مقتصرا على قدر الحاجة ، وكلما أمكنكم اجتناب دخولها فهو أولى .
ثالثا :
ثم ليعلم أن إلزام غير المسلمين بعدم إظهار الخمر أو شعائر دينهم إنما يكون إذا دخلوا بلاد الإسلام أو خضعوا لأحكام الإسلام .
أما إذا كانوا في بلادهم ولم يخضعوا لحكم الإسلام فإنه تجري معاملاتهم حسب ما يعتادونه وما يعتقدونه ، وهم يعتقدون حل الخمر في دينهم .
روى أبو عبيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن بعض ولاته كانوا يأخذون الجزية من الخمر والخنازير ثم يتولى بيعها على أهل الذمة . فقال عمر رضي الله عنه : لا تفعلوا ، ولكن ولوهم بيعها ، وخذوا أنتم من الثمن .
قال أبو عبيد : يريد أن المسلمين كانوا يأخذون من أهل الذمة الخمر والخنازير بقيمتها ، ثم يتولى المسلمون بيعها ، فهذا الذي نهى عنه عمر ، ثم رخص لهم أن يأخذوا ذلك من أثمانها إذا كان أهلُ الذمة المتولين لبيعها ، لأن الخمر والخنازير مال من أموال أهل الذمة ، ولا يكون مالاً للمسلمين " اهـ باختصار من "أحكام أهل الذمة" لابن القيم (1/184) .
فهذا يدل على أن بيع النصارى للخمر فيما بينهم صحيح ، لأنهم يعتقدون حلها في دينهم .
ولكن لا يجوز لمسلم أن يتولى بيعها ، ولو كان يبيعها على النصارى .
والله أعلم .
تعليق