متى يكون تحريم ما أحل الله كفرًا؟

السؤال: 610775

كيف الجمع بين قول الله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ] [التحريم : 1] وكون تحريم ما أحل الله مع العلم أنه حلال شركا؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم طبعا معصوم من الشرك وكل كبيرة.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا :

الأنبياء هم صفوة الله من خلقه ، ولذلك فهم معصومون من الوقوع في الشرك والكبائر قبل النبوة وبعدها .

وينظر جواب السؤال رقم (42216) .

ثانيا :

ليس كل تحريم للحلال يكون شركا ، فمن حرم على نفسه شيئا حلالا ، وقصد بذلك أنه يمنع نفسه من فعله ، فهذا حكمه حكم اليمين ، فكأنه حلف وقال : والله لا آكل هذا الطعام .

وإنما يكون تحريم الحلال شركا ، إذا قصد الفاعل لذلك أن له الحق في التشريع ، فيحل ما يشاء ، ويحرم ما يشاء ، فهذا هو الذي يكون شركا .

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في شرح صحيح البخاري (8/615) حديث رقم (6691):

"وتحريم الطعام ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : أن يريد به الحكم الشرعي .

والقسم الثاني : أن يريد به الكذب .

والقسم الثالث : أن يريد به الامتناع .

أما الأول : فإن التحريم فيه يكون نوعا من الشرك إذا حرَّم ما أحل الله ، لأن الله عز وجل قال : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) التوبة/31 .

ولما سمع عدي بن حاتم هذه الآية ، قال : يا رسول الله ، إنا لسنا نعبدهم . قال : (أليسوا يحلون ما حرم الله ، فتحلونه ، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ قال : بلى . قال : فتلك عبادتهم) .

وذلك مثل صنع أهل الشرك في الجاهلية ، فإنهم كانوا يحرمون السائبة ، والوصيلة ، والحامي ، والبحيرة .

فإذا قصد به إثبات حكم التحريم صار هذا نوعا من الشرك .

الثاني : أن يقصد به الكذب ، كأن يقول : هذا حرام . وهو يعرف أنه حلال ، كما يكذب الناس بعضهم على بعض ، فهذا يعد كذبا ، والكذب معروف أنه حرام .

القسم الثالث : أن يقصد به الامتناع ، فإذا قال : هذا حرام علي . فيعني : أني ممتنع عنه ، فهذا حكمه حكم اليمين ...

ودليل ذلك قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) التحريم/1-2.

فسمى الحرام يمينا فقال : (تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) وتحلة : تفعلة بمعنى التحليل ، وذلك أن الإنسان إذا حلف على الشيء فهي بمنزلة تحريمه عليه ، لأنه أراد أن يمتنع من هذا ، فإذا كفر قبل أن يحنث سمي هذا : تحلة ، فكأنه حل العقدة التي هي اليمين .

أما إذا فعل الشيء ثم كفر فهذا يسمى كفارة ...

وفي هذه الآية الكريمة : عتابٌ يسير من الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم حيث حرم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه " انتهى .

فتبين بذلك أن تحريم النبي صلى الله عليه وسلم بعض أنواع الطعام كان حكمه حكم اليمين ، لأنه قصد منع نفسه من هذا الطعام .

والله أعلم .

المراجع

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android