الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

يترك صلاة الجماعة بسبب العمل

السؤال

والدي أحياناً لا يذهب إلى صلاة الفجر والتراويح بسبب الضغط الشديد في عمله ، فهل هذا يجوز أم لا ؟ مع العلم أن والدي - في العادة - في رمضان لا يترك صلاة التراويح إلا إذا كان مريضاً ، وهو متدين أيضاً - والحمد لله - ولكن الآن من ضغط عمله فلا يذهب أحياناً إلى الصلاة .

الجواب

الحمد لله.

الصلاة في الجماعة واجبة في جميع الأوقات لقول الله تعالى : ( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ ) النساء/102 . فأوجب سبحانه تعالى الصلاة في الجماعة في حال الحرب ، فكيف بحال السلم ؟

وروى البخاري ( 608 ) ومسلم ( 1040 ) أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤمَّ ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأُحرق عليهم بيوتهم ) ، وفي صحيح مسلم ( 1044 ) ( أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي فقال : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله أن يرخص له في بيته ، فرخَّص له فلما ولَّى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم . قال : فأجب ) ، فينبغي للمسلم أن يحافظ على الصلاة في الجماعة في جميع الأوقات وأن لا يشغله عنها شاغل من شواغل الدنيا .

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) المنافقون/9 ، فعليك أن تنصحي والدك وتذكريه بهذه الأدلة الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة .

وهذا الحكم هو لصلاة الجماعة في الصلوات الخمس ، أما التراويح فأمرها أيسر من ذلك ، فيجوز للمسلم أن يصليها في بيته ، وإن كان الأفضل أن يصليها جماعة في المسجد .

ولا يجوز للمسلم أن يرهق نفسه في أعمال الدنيا على حساب عبادته وصلاته ، وقد وصف الله تعالى المؤمنين أنهم لا تلهيهم تجارتهم ولا بيعهم عن ذِكر الله وإقام الصلاة فقال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) النور/36–38 .

وفي ختم الآيات بقوله تعالى ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) إشارة إلى أمر ينبغي التفطن له لمن بذل وقته في التجارة والعمل على حساب طاعته لربه ، وهو أن الرزق بيد الله يرزقه من يشاء بغير حساب ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال : ( أيها الناس ، اتقوا الله وأجملوا في الطلب ، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها ، وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم ) رواه ابن ماجه ( 2144 ) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1698 ) .

فلا مانع من بذل الأسباب في الرزق لكن ينبغي على المسلم أن لا يبالغ في العمل فيبذل له وقته كله على حساب طاعته وصحته وتربية أبنائه ، وعليه أن يسدد ويقارب .

فنرجو أن يقف والدك على ما قلناه ويتأمله حق التأمل ، ونسأل الله تعالى أن يهديه لأحسن الأقوال والأفعال والأخلاق ، وأن يرزقه رزقا حسناً طيبا مباركاً فيه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب