الحمد لله.
نود أن نشكرك على غيرتك على دينك ، وعلى اهتمامك بأوضاع المسلمين وأحوالهم ، لكن ما تود فعله وتسأل عنه ليس موافقاً للشرع ، لأن الزكاة إذا وجبت بمرور الحول وجب إخراجها فوراً ، ولا يجوز تأخيرها مع إمكان دفعها .
والزكاة عبادة يلتزم المسلم بأحكامها من حيث مقدارها ووقتها وأجناسها ، وليس له أن يؤخر أداءها إذا حلَّ وقتها إلا من عذرٍ يبيح ذلك .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان موعد إخراج الزكاة هو شهر جمادى الأولى ، فهل لنا تأخيرها إلى شهر رمضان بغير عذر ؟
فأجابوا :
" لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول إلاّ لعذر شرعي ، كعدم وجود الفقراء حين تمام الحول ، وعدم القدرة على إيصالها إليهم ، ولغيبة المال ونحو ذلك .
أما تأخيرها من أجل رمضان : فلا يجوز إلاّ إذا كانت المدة يسيرة ، كأن يكون تمام الحول في النصف الثاني من شعبان فلا بأس بتأخيرها إلى رمضان " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/398) .
ولا يجوز الاتجار بأموال الزكاة لمن وجبت عليه الزكاة ، أو للمؤسسات القابضة لأموال الزكاة الموكلة بإيصالها إلى أهلها ، بل الواجب عليهم أداؤها ، وليكن الاستثمار لغير أموال الزكاة .
سئل علماء اللجنة الدائمة عن جمعية خيرية تريد استثمار أموالها .
فأجابوا :
" إذا كان المال المذكور في السؤال من الزكاة : فالواجب صرفه في مصارفه الشرعية من حين يصل إلى الجمعية ، وأما إن كان من غير الزكاة : فلا مانع من التجارة فيه لمصلحة الجمعية ؛ لما في ذلك من زيادة النفع لأهداف الجمعية وللمساهمين فيها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/403، 404) .
وسئلوا – أيضاً - :
هل يمكن للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية استثمار أموال الزكاة التي قد تودع في المصارف حتى يتم إنفاقها ، والتي لن يؤثر استثمارها على ترتيب وتنفيذ إنفاقها في مصارف الزكاة المحددة شرعا ، على أن يكون استثمارها في مجالات سائلة ، حيث يمكن الحصول عليها عند الحاجة إليها وفي مجالات استثمار مدروسة وموثوقة ، ولا نقول مضمونة حتى لا تشوبها حرمة أو شبهة ، على أن الهيئة ليست شخصاً بذاته أو أشخاصاً يمثلون أنفسهم ، وإنما هي شخصية اعتبارية قائمة بذاتها ، والأشخاص فيها يبذلون جهدهم ويجتهدون رأيهم لما فيه خير الإسلام والمسلمين ؟
فأجابوا :
" لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة ، وإن الواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها ؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء ؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيراً عن المستحقين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/454، 455) .
ثانياً :
وأما دفع الزكاة لبناء مستشفى للفقراء أو لبعض المشاريع الخيرية ، فقد سبق في جواب السؤال (39211) أن الزكاة لها مصارفها الشرعية التي نص الله تعالى في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنالسبيل ) ِ التوبة /60 .
ولا يجوز دفع الزكاة في غير هذه المصارف .
فعليك أداء الزكاة في وقتها ، ولا يجوز تأخيرها مع تمكنك من أدائها ، ولا استثمار أموالها ، لا في مشاريع تجارية ربحية ، ولا في مشاريع دعوية .
والمشروع الدعوي الذي تفكر فيه عليك أن تقنع به من تراه من المسلمين ، ويتم تمويله من غير أموال الزكاة .
وفقنا الله لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق