الحمد لله.
لا يستحب مسح العنق في الوضوء ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عنقه في الوضوء ، بل ولا روي عنه ذلك في حديث صحيح ، بل الأحاديث الصحيحة التي فيها صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يمسح على عنقه ; ولهذا لم يستحب ذلك جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبهم ، ومن استحبه فاعتمد فيه على أثر يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أو حديث يضعف نقله : أنه مسح رأسه حتى بلغ القَذَال . ومثل ذلك لا يصلح عمدة ، ولا يعارض ما دلت عليه الأحاديث ، ومن ترك مسح العنق فوضوءه صحيح باتفاق العلماء " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (21/127) .
وهذا الحديث : ( أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه حتى بلغ الْقَذَالَ ، وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا ) . رواه أبو داود (132) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
وذكر النووي في "المجموع" (1/489) اختلاف أصحاب الشافعي رحمهم الله في مسح الرقبة في الوضوء ، ثم قال : هذا مختصر ما قالوه ، وحاصله أربعة أوجه : أحدها : يسن مسحه بماء جديد . والثاني : يستحب ولا يقال مسنون . والثالث : يستحب ببقية ماء الرأس والأذن . والرابع : لا يسن ولا يستحب . وهذا الرابع هو الصواب ، ولهذا لم يذكره الشافعي رضي الله عنه ، ولا أصحابنا المتقدمون ، ولم يذكره أيضا أكثر المصنفين , ولم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وثبت في صحيح مسلم وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( شَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) وفي رواية لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) وأما الحديث المروي عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ . فهو حديث ضعيف بالاتفاق . وأما قول الغزالي : إن مسح الرقبة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ ) فغلط ، لأن هذا موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
و(الْغُلِّ) هو القيد والسلاسل التي يكون في الرقبة . قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ) الرعد/5 . وقال : ( وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سـبأ/33 .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
" ولم يصح عنه (صلى الله عليه وسلم) في مسح العنق حديث البتة " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" لا يستحب ولا يشرع مسح العنق ، وإنما المسح يكون للرأس والأذنين فقط ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/102) .
تعليق