الحمد لله.
ما ذكرت من أن تسمية المساجد بأسماء الأشخاص مكروه قد قال به بعض العلماء , إلا أن جمهور العلماء على جواز ذلك بلا كراهة .
قال الإمام البخاري رحمه الله :
" بَاب هَلْ يُقَال مَسْجِد بَنِي فُلان " ثم أورد حديث ابْنِ عُمَرَ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ , وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ , وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا ) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :
" يُسْتَفَاد مِنْهُ جَوَازُ إِضَافَة الْمَسَاجِد إِلَى بَانِيهَا أَوْ الْمُصَلِّي فِيهَا , وَيَلْتَحِق بِهِ جَوَاز إِضَافَة أَعْمَال الْبِرّ إِلَى أَرْبَابهَا , وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّف (الإمام البخاري) التَّرْجَمَة بِلَفْظِ الاسْتِفْهَام لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ فِيهِ اِحْتِمَالا إِذْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَدْ عَلِمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ تَكُون هَذِهِ الإِضَافَة وَقَعَتْ فِي زَمَنه , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِمَّا حَدَثَ بَعْده , وَالأَوَّل أَظْهَر وَالْجُمْهُور عَلَى الْجَوَاز , وَالْمُخَالِف فِي ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه أَنْ يَقُول مَسْجِد بَنِي فُلان وَيَقُول مُصَلَّى بَنِي فُلان لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ) .
وَجَوَابه : أَنَّ الإِضَافَة فِي مِثْل هَذَا إِضَافَة تَمْيِيز لا مِلْك " انتهى .
وقال ابن العربي في "أحكام القرآن" (4/277) :
" المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا ، فإنها قد نسبت إلى غيره تعريفا , فيقال : مسجد فلان " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/208) :
" ولا بأس أن يقال مسجد فلان ، ومسجد بني فلان على سبيل التعريف " انتهى .
وعلى هذا ؛ فلا حرج من تسمية المسجد باسم شخص معين لكونه هو الذي بناه أو يصلي فيه , وكذلك لا حرج من إطلاق اسم أحد علماء المسلمين أو أعلامهم على المسجد من باب التعريف فقط , لكن لا ينبغي : أن يسمى المسجد باسم من عُرِفَ بالبدعة ، لآن في ذلك تعظيماً له ، وإغراء للعوام أن يسلكوا طريقته .
والله أعلم .
تعليق