الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام ؟

السؤال

أنا عندي محلات لبيع الملابس الرجالية والنسائية في عدة مراكز تجارية ، وقد قرأت الحالات التي يحل فيها بيع الملابس النسائية ، وهذه الملابس لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله , ولكن كيف للتجار أو الموظف أن يعرف أنها سوف تستخدمه فيما حرم الله ؟ حيث يكون البائع في وضع الذي لا يعلم فيما سوف يستخدم ؟.

الجواب

الحمد لله.

الملابس النسائية التي يبيعها التجار في محلاتهم لا تخلو من ثلاث حالات :

الأولى :

أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً , ولن تستعمل استعمالاً محرماً , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه .

الثانية :

أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً محرماً , أي : ستلبسها المرأة وتتزين بها أمام الرجال الأجانب عنها , فبيع هذه الثياب حرام , لقول الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .

ويمكن للبائع أن يعلم ذلك حسب نوعية الثياب وحال المرأة التي تشتريها .

فهناك بعض الألبسة عُلِمَ من العادة أن المرأة مهما كانت متبرجة لن تلبسها إلا لزوجها , ولا يمكن أن تخرج بها أمام أحد من الرجال الأجانب عنها , وهناك الألبسة التي يغلب على ظن البائع - وقد يتيقن – أن المشترية لها ستستعملها استعمالاً محرماً .

فالواجب على البائع أن يعمل بما علمه أو غلب على ظنه من حال المشترية .

وقد تكون الثياب يمكن استعمالها استعمالاً مباحاً أو استعمالاً محرماً , ولكن التزام النساء بالحجاب ، أو إلزام الدولة لهن بذلك يمنع من استعمالهن لها استعمالاً محرماً , فلا حرج في بيعها .

الثالثة :

أن يشك البائع ويتردد هل هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً أم محرماً , لكون الثياب صالحة للاستعمالين , وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه , لأن الأصل إباحة البيع وعدم تحريمه , لقول الله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة/275 , والواجب على من اشتراها أن يستعملها فيما أحل الله , ولا يجوز أن يستعملها استعمالاً محرماً.

وهذه فتاوى لبعض العلماء تؤيد ما سبق :

سئل علماء اللجنة الدائمة :

ما حكم الاتجار في زينة النساء , وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه , وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار ؟

فأجابوا :

" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان , أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/67) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :

ما حكم بيع أدوات التجميل الخاصة بالنساء ؟ علماً بأن غالبية من يستعملها من المتبرجات الفاجرات العاصيات لله ورسوله , واللاتي يستخدمن هذه الأشياء في التزين لغير أزواجهن والعياذ بالله ؟

فأجابوا :

" إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز له البيع عليهن إذا كان يعلم حالهن ؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان , وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة /2 " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/105) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :

ما حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها , وما يسمى منها بالجنز , والاسترتش , إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز , إضافة إلى بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالية , إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها وألوانها المختلفة , وخصوصاً ما يخص النساء , إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة , أو ما يسمى بالشيفون , إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم , والقصير منها , والتنانير النسائية القصيرة ؟

فأجابوا :

" كل ما يستعمل على وجه محرم , أو يغلب على الظن ذلك ؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده , وبيعه وترويجه بين المسلمين , ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله إلى الصواب : من لبس الملابس الشفافة , والضيقة , والقصيرة , ويجمع ذلك كله : إظهار المفاتن والزينة , وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية ؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم , ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر , وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية " .

فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل , والنصح لإخوانه المسلمين , فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم , ويترك ما فيه شر وضرر عليهم , وفي الحلال غنية عن الحرام , ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ) الطلاق/3,2 , وهذا النصح هو مقتضى الإيمان , قال الله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) التوبة/71 , وقال عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ) , قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) خرجه مسلم في صحيحه , وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة , والنصح لكل مسلم . متفق على صحته . ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم : " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر . . إلخ " كراهة تحريم , كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/109) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب