الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

يوصل زبائنه إلى أماكن معصية ويأخذ عمولة من أصحابها

75443

تاريخ النشر : 05-12-2005

المشاهدات : 14525

السؤال

أسكن في ألمانيا ولدي صديق يعمل سائق تاكسي ، وقال : في كثير من الأحيان تأتينا طلبية تطلب إيصاله إلى أماكن دعارة ، وعند الوصول إلى المكان وأخذ الأجرة من المستأجر للتاكسي ، صديقنا صاحب التاكسي له الخيار أن ينزل ويأخذ من صاحب محل الدعارة بقشيش ( إكرامية أو عمولة ) وهي قيمة مرتفعة لا تقل على 30 يورو ، وإذا صديقنا صاحب التاكسي أنزل الراكب وانصرف لا يأخذ شيئاً .
السؤال :
هل يجوز له أخذ هذا المبلغ ( بقشيش ، أو إكرامية أو عمولة ) ولا يتركه لهم على أن يعطيه لصالح المسلمين ولا ينتفع به قياساً على أخذ الفوائد من البنوك الربوية وصرفها فيما ينفع المسلمين وليس لشخصه ؟.

الجواب

الحمد لله.

كان الواجب أن يكون السؤال عن حكم إيصال هؤلاء العصاة إلى أماكن المعصية ، لا أن يكون السؤال عن حكم عمولة توصيلهم إلى أماكن الفواحش والمنكرات ، وإنما حكم هذه العمولة تابع لحكم توصيلهم .

وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 10398 ) تحريم توصيل العصاة إلى أماكن يعصون الله فيها ، فيحرم على هذا السائق أن يوصل أحداً إلى مكان يجزم أو يغلب على ظنه أنه مكان معصية كأماكن الزنا والحانات والمسابح وغيرها .

وإذا فعل وأوصل أحداً إلى تلك الأماكن فإنه يكون شريكاً في آثامهم وجرائمهم ، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .

وإذا فعله مع علمه فليسارع إلى التوبة والاستغفار والندم والعزم على عدم العود ، ولا يلتفت لتلك الأموال الخبيثة التي يدفعها أصحاب تلك الأماكن الفاجرة ، والفقراء في غنى عنها ، وهذه الأماكن التي يُعصى الله تعالى فيها يجب على المسلم أن ينكر على أهلها ؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 49 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فكيف يوجب عليه الشرع إنكار المنكر وهو يترجل من سيارته ويدخل لتلك الأماكن ليأخذ عمولة توصيل صاحب فاحشة ومنكرات ليفعلها عندهم ؟! فلا هو بالذي غيَّر المنكر بيده ولا بلسانه ولا حتى بقلبه ، وهذا أمرٌ خطير على صاحبه .

قال النووي رحمه الله :

" وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليغيره ) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة ، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ... .

واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضَيِّع أكثرُه من أزمان متطاولة , ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدّاً ، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه ، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح ، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أو شك أن يعمهم الله تعالى بعقابه ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) " انتهى .

" شرح مسلم " ( 2 / 22 – 24 ) باختصار .

ولا يحل لمسلم أن يتعمد فعل المحرم ليأخذ أموالهم ويصرفها في مصالح المسلمين ، بخلاف من تاب من الربا أو الكسب الحرام فإن توبة مثل هؤلاء تقتضي صرف تلك الأموال في وجوه الخير .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب