الحمد لله.
أولاً :
العمل المختلط بين الرجال والنساء محرَّم وله آثاره السيئة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 50398 ) و ( 6666 ) و ( 39799 ) ، وانظر جواب السؤال رقم ( 27304 ) ففيه : بيان حكم مخاطبة النساء في العمل .
وقد ذكرنا هذا تعليقاً على قولك أخي السائل " زميلتي في العمل " ، ونقلك لسؤالها وأنه قد دار بينكما أحاديث يوجب علينا نصحك ونصحها قبل الإجابة على أصل سؤالك بأن يبحث كل منكما عن عمل غير مختلط ، وفيما أحلناك عليه من إجابات ما يغني عن تكرار الكلام في موضوع الاختلاط في العمل بين الرجال والنساء .
ثانياً :
وأما بالنسبة لثقب أذن الأنثى : فقد وقع الخلاف في حكمه بين العلماء ، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز هذا الفعل ، وذهب الشافعية – ووافقهم : ابن الجوزي وابن عقيل الحنبليان - إلى المنع منه ، ولم يستدلوا على المنع بشيء من النصوص ، بل قالوا إنه مؤلم ، وإن الزينة في الأذن ليست ضرورة ولا مهمة حتى يباح إيلام الأنثى من أجلها .
وبالتأمل في نصوص السنة النبوية وواقع الصحابيات رضي الله عنهن يتبين أن القول الراجح هو القول الأول وهو القول بالإباحة ، ومن النصوص التي تدل على ذلك :
1. عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ - وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلا إِقَامَةً - ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلالٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ .
رواه البخاري ( 4951 ) ومسلم ( 884 ) .
وفي رواية أخرى عندهما :
" فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا " .
والخُرص : حلي الأذن ، والسِّخاب : حلي العنق والصدر .
2. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ... قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ... قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ .
رواه البخاري ( 4893 ) ومسلم ( 2448 ) .
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله أبو زرع من ملء أذن أم زرع بالحلي حتى ثقل وتحرك .
وبالنسبة لثقب الأذن من الأعلى : فالظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الثقب من أسفل أو من أعلى على أن يكون هذا متعارفاً عليه في بيئتها ، وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تظهر هذا الحلي الذي تلبسه في يدها أو أذنها أو عنقها .
سُئل الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله - :
عن حكم ثقب أذن البنت أو أنفها من أجل الزينة ؟ .
فأجاب :
الصحيح : أن ثقب الأذن لا بأس به ؛ لأن هذا من المقاصد التي يتوصل بها إلى التحلي المباح ، وقد ثبت أن نساء الصحابة كان لهن أخراص يلبسنها في آذانهن ، وهذا التعذيب تعذيب بسيط ، وإذا ثقب في حال الصغر صار برؤه سريعاً .
وأما ثقب الأنف : فإنني لا أذكر فيه لأهل العلم كلاماً ، ولكنه فيه مُثلة وتشويه للخلقة فيما نرى ، ولعل غيرنا لا يرى ذلك ، فإذا كانت المرأة في بلد يعد تحلية الأنف فيها زينة وتجملاً فلا بأس بثقب الأنف لتعليق الحلية عليه .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 69 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
لا بأس بثقب أذن الجارية لوضع الحلي في أذنها ، ومازال هذا العمل يفعله الكثير من الناس ، حتى كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النساء كن يلبسن الحلي في آذانهن وغيرها من غير نكير .
وأما كونه يؤلم الجارية : فالمقصود بهذا مصلحتها ؛ لأنها بحاجة إلى الحلي ، وبحاجة إلى التزين ؛ فثقب الأذن لهذا الغرض مباح ومرخص فيه لأجل الحاجة ، كما أنه يجوز جراحتها للحاجة وكيها للحاجة والتداوي ، كذلك يجوز خرق أو ثقب أذنها لوضع الحلي فيه ؛ لأنه من حاجتها ، مع أنه شيء لا يؤلم كثيراً ، ولا يؤثر عليها كثيراً .
" فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 324 ) .
والله أعلم .
تعليق