الحمد لله.
أولا :
لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية ، ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك .
وقد دل على تحريم المصافحة روى البخاري (4891) ومسلم (1866) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : ( وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلا بِقَوْلِهِ : قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ ) .
فهذا المعصوم خير البشرية وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم لا يمس النساء ، مع أن الأصل في البيعة أن تكون باليد ، فكيف بغيره من الرجال ؟!
وعن أميمة ابنة رقيقة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لا أصافح النساء ) .
رواه النسائي (4181) وابن ماجه (2874) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2513) .
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5045).
وهذا صريح في التحريم .
قال الخرشي في شرح مختصر خليل (1/275) : " وأما مصافحة المرأة لغير المحرم فلا يجوز والله أعلم " انتهى .
وفي حاشية العدوي على شرح الرسالة (2/474) : " لا يجوز أن يصافح الرجل المرأة ولو كانت متجالة " انتهى .
والمتجالة : العجوز التي لا تشتهى ونحوها .
وفي "الموسوعة الفقهية" (29/296) : " لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز مس وجه الأجنبية وكفيها وإن كان يأمن الشهوة ..... هذا إذا كانت الأجنبية شابة تشتهى . . . وذهب المالكية والشافعية إلى تحريم مس الأجنبية من غير تفرقة بين الشابة والعجوز " انتهى .
ثانيا :
لا يجب على الزوجة أن تطيع زوجها إذا أمرها بمصافحة الأجانب ، بل لا يجوز لها ذلك ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وعلى هذا الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن يحذر من غضبه وأليم عقابه ، فإن أمره هذا مضاد لأمر الله تعالى ، وتسلطه على زوجته وتهديها بالطلاق ظلم لها ، وكان الأولى به أن يفرح بطاعتها لربها ، وأن يعينها على ذلك .
ثالثا :
إذا أصر الزوج على موقفه ، وهدد بالطلاق ، وعزم على ذلك ، فالذي يظهر والله أعلم أن الزوجة لها أن تصافح الرجال من وراء حائل ، ارتكابا لأهون الشرين ، ودفعا لأعظم المفسدتين ، وعليها أن تقلل من احتمال ملاقاة الرجال ما أمكن حتى تتفادى المصافحة ، مع الاجتهاد في نصح الزوج وتبين الحق له ، حتى يرجع عن رأيه .
فإن لم يقنع الزوج بذلك ، وأصر على أن تصافح من غير حائل ، فلا تطعه ، ولتصبر ولتحتسب ، وإن وقع الطلاق ، لا سيما إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى ، ولعل الزوج يعود إلى رشده إذا وقع الطلاق ، وأيقن أنه سيهدم بيته بيده ، في أمر محرم .
وينبغي مع ذلك أن يستعان بأهل الصلاح من قومه أو قومها لحل النزاع ، وإقناع الزوج بالعدول عن موقفه ، وتذكيره بتقوى الله تعالى ومراقبته .
ولتوقن الزوجة أن الله تعالى جاعل لها فرجا ومخرجا ، فإنه سبحانه لا يضيع أهل طاعته ، ويدافع عن أوليائه .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
تعليق