الحمد لله.
الحمد للَّهالبخاري شيخ الإسلام ، وإمام الحفاظ ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ، صاحب الصحيح والتصانيف ، مولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة ، وأول سماعه للحديث سنة خمس ومائتين ، وحفظ تصانيف ابن المبارك وهو صبي ، ونشأ يتيما .
صنف وحدث وما في وجهه شعرة ، وكان رأسا في الذكاء ، رأسا في العلم ، ورأسا في الورع والعبادة .
وكان شيخا نحيفا ليس بطويل ولا قصير ، مائلا إلى السمرة .
كان يقول : لما طعنت في ثماني عشرة سنة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم في أيام عبيد الله بن موسى ، وحينئذ صنفت التاريخ عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة .
وكان يقول : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح .
قال ابن خزيمة : ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري .
مات ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين " انتهى .
اختصارا من "تذكرة الحفاظ" للذهبي (2/555)
ثانيا :
أما شيوخه فهم كثير ، حدث محمد بن أبي حاتم عنه أنه قال :
" كتبت عن ألف وثمانين نفسا ، ليس فيهم إلا صاحب حديث " انتهى . كما في "سير أعلام النبلاء" (12/395) .
وأهمية الشيخ تختلف بحسب الاعتبار : فقد تكون الأهمية بسبب مكانة الشيخ العلمية الرفيعة ، وقد تكون بسبب إكثار البخاري عنه ، وقد تكون بسبب علو سنده ، وقد تكون بسبب تأثر البخاري به كثيرا ، وقد يجتمع في الشيخ أكثر من اعتبار واحد .
أما شيوخه الذين أكثر عنهم جدا في الصحيح ، ولهم عنده أكثر من مائة رواية فهم :
عبد الله بن يوسف التنيسي ، وقد فاقت رواياته عنه الثلاثمائة رواية ، علي بن عبد الله المديني فاقت مروياته المائتين ، أبو اليمان الحكم بن نافع ، موسى بن إسماعيل التبوذكي ، عبد الله بن محمد المسندي ، أبو نعيم الفضل بن دكين ، محمد بن بشار المعروف ببندار ، قتيبة بن سعيد ، سلمان بن حرب ، أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، محمد بن المثنى .
أما المتوسطون : وهم من لهم دون المائة رواية وأكثر من خمسين ، فهم :
عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، عبد الله بن الزبير الحميدي ، إبراهيم بن موسى ، إبراهيم بن المنذر ، محمد بن يوسف الفريابي ، محمد بن كثير ، حفص بن عمر .
ومن أهم شيوخه الذين بلغوا رتبة الإمامة في العلم والدين :
الإمام أحمد بن حنبل وإن لم يرو عنه في الصحيح ، وإسحاق بن راهويه روى عنه نحو الثلاثين رواية ، وأحمد بن صالح المصري ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وغيرهم .
ولعل أعظمهم تأثيرا في نفس الإمام البخاري وشخصيته ، وأجلهم مرتبة عنده هو الإمام علي بن المديني رحمه الله ، حيث قال البخاري فيه :
" ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني " انتهى . "تذكرة الحفاظ" (2/428) .
وقد ذكر الذهبي في ترجمة البخاري أسماء أشهر شيوخه ، ورتبهم بحسب البلدان فقال في "سير أعلام النبلاء" (12/394-396) ؛ وأما الحافظ ابن حجر فله ترتيب آخر مفيد أيضا ، حيث قال في "هدي الساري" (479) :
" ينحصرون في خمس طبقات :
الطبقة الأولى :
من حدثه عن التابعين : مثل محمد بن عبد الله الأنصاري حدثه عن حميد ، ومثل مكي بن إبراهيم حدثه عن يزيد بن أبي عبيد ، ومثل أبي عاصم النبيل حدثه عن يزيد بن أبي عبيد أيضا ، ومثل عبيد الله بن موسى حدثه عن إسماعيل بن أبي خالد ، ومثل أبي نعيم حدثه عن الأعمش ، ومثل خلاد بن يحيى حدثه عن عيسى بن طهمان ، ومثل على بن عياش وعصام بن خالد حدثاه عن حريز بن عثمان ، وشيوخ هؤلاء كلهم من التابعين .
الطبقة الثانية :
من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين : كآدم بن أبي إياس وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر وسعيد بن أبي مريم وأيوب بن سليمان بن بلال وأمثالهم .
الطبقة الثالثة :
هي الوسطى من مشايخه ، وهم من لم يلق التابعين ، بل أخذ عن كبار تبع الأتباع ، كسليمان بن حرب وقتيبة بن سعيد ونعيم بن حماد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة وأمثال هؤلاء ، وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم .
الطبقة الرابعة :
رفقاؤه في الطلب ، ومن سمع قبله قليلا ، كمحمد بن يحيى الذهلي وأبي حاتم الرازي ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة وعبد بن حميد وأحمد بن النضر وجماعة من نظرائهم ، وإنما يخرج عن هؤلاء ما فاته عن مشايخه ، أو ما لم يجده عند غيرهم .
الطبقة الخامسة :
قوم في عداد طلبته في السن والإسناد ، سمع منهم للفائدة : كعبد الله بن حماد الآملي وعبد الله بن أبي العاص الخوارزمي وحسين بن محمد القباني وغيرهم ، وقد روى عنهم أشياء يسيرة .
وعمل في الرواية عنهم بما روى عثمان بن أبي شيبة عن وكيع قال : لا يكون الرجل عالما حتى يحدث عمن هو فوقه ، وعمن هو مثله ، وعمن هو دونه ، وعن البخاري أنه قال : لا يكون المحدث كاملا حتى يكتب عمن هو فوقه ، وعمن هو مثله ، وعمن هو دونه " انتهى .
انظر جواب السؤال رقم (21523)
والله أعلم .
تعليق