الحمد لله.
1. إننا لنعجب من فعل زوجك هذا الذي ذكرتيه لنا ، ونعجب من وصفك له بأنه ليس لصّاً ، وأنه ملتزم ، وهو يقوم بفعلٍ لا يخفى على أحدٍ من عامة المسلمين فضلاً عن علمائهم أنه حرام.
وليس عندنا شيء تخبرينه به إلا حكم السرقة ، وأنها حرام ، وأن الله تعالى قال في كتابه العزيز : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله [ المائدة / 38 ] . فحدّ السرقة في الشرع قطع اليد اليمنى ، والسارق لا تبرأ ساحته بعد القطع حتى يُرجع الحق إلى أهله .
وقال تعالى أيضا : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [ البقرة / 188 ] .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : " يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام ، قال : فأي بلد هذا ؟ قالوا : بلد حرام قال : فأي شهر هذا ؟ قالوا : شهر حرام ، قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا - فأعادها مراراً - ثم رفع رأسه فقال : اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته ، فليبلغ الشاهد الغائب . رواه البخاري ( 1652 ) .
وفي الصحيحين عن أبي بكرة نحوه .
وعن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : فلا تعطه مالك ، قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله ، قال أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد ، قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال هو في النار . رواه مسلم ( 140 ) .
وعن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده " . رواه البخاري ( 6401 ) ومسلم ( 1687 ) .
وأما أنه يبيح ذلك لنفسه كونه يخدع : فإن هذا من تلبيس الشيطان ، فإن الحرام لا يقابل بحرامٍ مثله .
هذا تنزلاً على قوله ، وإلا فالأصل أنّ البائع يحقّ له أن يبيع بأي سعر شاء وقد قال النبي صلى اله عليه وسلم : " البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا " كما في البخاري ( 1973 ) ومسلم ( 1532 ) ، فإذا لم يعجبه سعر البضاعة فله إلا أن يماكسه ، لا أن ينهبه ، فإن أعجبه السعر وإلا ذهب إلى محل آخر .
وأما معاقبته للمحل بسرقة ( 900 ) دولار : فهذا أيضاً حرام ، والله تعالى يقول : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، وليس للإنسان أن يأخذ ما يشتهيه إن كان مظلوماً ، بل إن زاد عن حقِّه المسلوب : صار ظالماً هو الآخر .
هذا إذا كان المحل قد ظلم زوجكِ ، والذي يظهر خلاف ذلك ، والأمر لا يعدو كونه ظنّاً في غير محله ، فهل يرضى زوجك لو فعل أحد معه ذلك ، فيسرق منه نصف هذا المبلغ لشكه فيه ؟
والجواب معلوم وهو النفي ، فكذلك لا يحل له أن يفعل هذا مع صاحب المحل .
ونوصيكِ بإخباره أن الدنيا إلى زوال ، وأن الإنسان يلقى الله يوم القيامة بعمله ، وأن السرقة خزي وفضيحة في الدنيا والآخرة .
أما الدنيا : فهي في نزع البركة من مال السارق بل من حياته كلها ، ثم الفضيحة بين الناس .
وأما في الآخرة : فهو أشد وأخزى ، وليتفكر في هذا الحديث :
عن أبي حميد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة ، فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء ، أو بقرةً لها خوار ، أو شاة تيعر ، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول : اللهم هل بلغت ؟ . رواه البخاري ( 6578 ) ومسلم ( 1832 ) . والله أعلم .
تعليق