الحمد لله.
إذا كانت الزوجة تتطاول على زوجها بالسب والشتم والإساءة ، فعليه أن ينصحها ، ويحذرها ، ويبين لها ما يترتب على كلامها السيئ من الإثم ، لا سيما والزوج أحق الناس بصلتها ومعروفها وإحسانها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق ) رواه أبو داود (2140) والترمذي (1159) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وينبغي أن يسلك معها ما ذكره الله تعالى في كتابه من الوعظ والهجر والضرب غير المبرح ، فإن لم يُجد شيء من ذلك ، فينبغي أن يستعين على نصحها بالصالح من أهلها ، وذلك حفاظا على الأسرة ، ومراعاة لحق الأولاد إن وجدوا ، قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34 .
ومن الموعظة التي تقدم لها : أن يبيّن لها ما عليها من الإثم في معصيتها لزوجها ، وما لها من ثواب وأجر جزيل إذا أطاعته .
وأيضاً : يبين لها ما عليها وعلى زوجها وعلى ابنتها من الضرر في حال حصول الطلاق أو استمرار العشرة على هذا النحو .
فإن استجابت المرأة للنصح ، وأثّرت فيها الموعظة ، وعدلت عن المخالفة ، فهذا هو المطلوب ، وإن استمرت في غيها وسفهها ، فلا حرج على الزوج من طلاقها .
فقد ذكر العلماء أن الطلاق يكون مباحاً " عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها والتضرر بها ، من غير حصول الغرض بها "
" المغني" (10/324)
ويقال للسائل ما ذكرته من خوفك على ابنتك فيما لو حدث الفراق ، أمر ينبغي اعتباره ، فإن كنت تخشى ألا تستطيع القيام بتربيتها ، وأن تتضرر البنت بهذا الطلاق ، فينبغي أن توازن بين المفسدتين ، مفسدة بقائك مع امرأة سيئة الخلق ، تسيء إليك ، ومفسدة ما قد يحصل لابنتك بعد إيقاع الطلاق ، ومن قواعد الشريعة : "ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما ".
وينبغي أن تستخير الله تعالى قبل اتخاذ قرارك ، وأن تسعى للإصلاح ما أمكنك ، فإن تعذر ذلك فاجتهد أن تحتاط لابنتك ، وأن تؤمن حضانتها عندك ، ولا تتركها لهذه المرأة تربيها على أخلاقها .
ونوصيك بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى ، وملازمة التقوى ، فإن الله وعد أهل التقوى بالرزق والفرج ، قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3.
كما نوصيك بالتوبة إلى الله تعالى من سائر الذنوب ، فإن سوء خلق الزوجة قد يكون عقابا للعبد على ذنوب يرتكبها ، كما ذكر عن الفضيل بن عياض رحمه الله أنه قال : إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي .
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين .
والله أعلم .
تعليق