الحمد لله.
اتفق العلماء على مشروعية الأخذ من الشارب للأحاديث الكثيرة الواردة في هذا، كقوله صلى الله عليه وسلم:( وفروا اللحى ، وأحفوا الشوارب) رواه البخاري (5442) ، وكقوله صلى الله عليه وسلم: (من لم يأخذ من شاربه فليس منا) رواه الترمذي( 2685 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال النووي رحمه الله تعالى في "المجموع" (1/340): "وأما قص الشارب فمتفق على أنه سنة" انتهى .
ولكن وقع الخلاف بين أهل العلم في القدر الذي يؤخذ .
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" ( 1/148): "وقد اختلف الناس في حد ما يقص عن الشارب ، وقد ذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه ، لظاهر قوله: (أحفوا) و (أنهكوا). وهو قول الكوفيين، [ورواية عن الإمام أحمد ، ويعني بالكوفيين أتباع أبي حنيفة رحمه الله] ، وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال ، وإليه ذهب مالك [والشافعي وأحمد في رواية عنه] .
وقد شدد الإمام مالك رحمه الله في حلق الشارب فعده مُثْلَةً يستحق صاحبه التأديب، وقال بأن حلقه بدعة ظهرت في الناس ، ذكر هذا عنه النووي في "المجموع" وابن القيم في "زاد المعاد" وغيرهما، ولكن جمهور أهل العلم على خلاف هذا، إذ يرون أنه لا بأس بحلقه وقصه ، وإن اختلفوا في الأفضل" انتهى .
قال المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (1/121): "ويحف شاربه أو يقص طرفه ، وحفه أولى، نص عليه [يعني الإمام أحمد]" انتهى .
وقد ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (1/171) أن الإمام أحمد رحمه الله قال: إن أحفاه فلا بأس، وإن أخذه قصاً فلا بأس . ودليل الإمام أحمد على ذلك أن الأحاديث جاءت بالأمر بـ : الإحفاء ، والقص .
وبهذا يعلم الأخ السائل أنه لا حرج عليه فيما فعل ، وإن كان الأفضل أن يقص من الشارب بحيث يبدو طرف الشفة ، ولا يزيله بالكلية ، لأن هذا هو ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص شاربه) . رواه أحمد (2733) ، وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح
والله أعلم.
تعليق