الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

انتفاع المقترض بسكن البيت المرهون مقابل أجر زهيد

98538

تاريخ النشر : 20-05-2007

المشاهدات : 83371

السؤال

يوجد عندنا نظام رهن البيوت وهو كالتالي: يتم رهن البيت مقابل أخذ مبلغ محدد مقداره مثلا مليون ليرة أو أقل أو أكثر مقابل السكن في البيت لمدة محدودة سنة أو سنتين مثلاً ، وبعد انقضاء الفترة يتم إعادة المبلغ نفسه بدون زيادة أو نقصان مع أخذ إيجار زهيد جدا سنويا $100 فهل هذا حلال أم حرام ؟ وهل يعتبر هذا شكلاً من أشكال الربا ؟

الجواب

الحمد لله.


إذا كان المقصود أنك تقترضين مليون ليرة مثلا ، وترهنين بيتك ، ويقوم المقرض بسكنى البيت مقابل إيجار زهيد 100$ سنويا ، فهذا ربا ؛ لأنه من باب " قرض جر نفعا " ، فالمقرض ينتفع بسكنى البيت مع دفع إيجار زهيد لا يساوي أجرة المثل .
فإذا كانت أجرة المثل 200$ سنويا مثلا ، لكن المقرض دفع 100$ فقط ، فيكون انتفع بـ 100$ لأجل أنه أقرضك ، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى من "المغني" (6/436).
وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله أنه لا يجوز للمقرض أن ينتفع بالرهن من غير أن يدفع أجرة ذلك ، لأنه يكون قرضا جَرَّ منفعة ، وذلك حرام .
ونقل عن الإمام أحمد أنه قال : أكره قرض الدور , وهو الربا المحض . قال ابن قدامة : يعني : "إذا كانت الدار رهنا في قرض ينتفع بها المقترض".
فأما إن كان الانتفاع بعوض , مثل إن استأجر المقرض الدار من المقترض بأجرة مثلها , من غير محاباة , جاز لكونه ما انتفع بالقرض .
وإن حاباه ( يعني أخذ منه أقل من أجره المثل ) فلا يجوز ذلك .
انظر : "المغني" (4/250) .
ومنه يعلم أنه لا يجوز محاباة المقرض في الأجرة ، بل تؤخذ منه أجرة المثل ، وإلا وقعتما في الربا . والربا محرم ولو كان برضا الطرفين .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : تنتشر في بعض قرى مصر عادة رهن الأراضي الزراعية، إذ يقوم الرجل الذي يحتاج إلى مال بأخذ المال من الرجل الذي يملك المال، وفي مقابل أخذ المال يأخذ صاحب المال الأرض الزراعية التي هي ملك للمدين كرهن، ويأخذ صاحب المال الأرض وينتفع بثمارها وما تدره الأرض، ولا يأخذ صاحب
الأرض من الأرض شيئا، وتظل الأرض الزراعية تحت تصرف الدائن حتى يدفع المدين المال لصاحبه. فما حكم ذلك
فأجابوا :
" من أقرض قرضا فإنه لا يجوز له أن يشترط على المقترض نفعا في مقابل القرض؛ لما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ( كل قرض جر نفعا فهو ربا ) ، وقد أجمع العلماء على ذلك، ومن ذلك ما ذكر في السؤال من رهن المقترض للمقرض الأرض، وانتفاعه بها إلى تسديد القرض الذي له على صاحب الأرض، وهكذا لو كان له عليه دين، لم يجز لصاحب الدين أن يأخذ غلة الأرض أو الانتفاع بها في مقابل إنظار المدين، ولأن المقصود من الرهن الاستيثاق لحصول القرض أو الدين، لا استغلال الرهن في مقابل القرض أو الإهمال في تسديد الدين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/177)
تنبيه :
ولو كان المقصود أنك تسكنين في البيت الذي هو ملك وقد جعلتيه رهناً وتدفعين هذا الإيجار الزهيد 100$ سنويا للمقرض ، فإنه لا يجوز أيضا ، لأن المقرض لا يجوز له أن يأخذ شيئا في مقابل قرضه ولو كان شيئا يسيرا ، والرهن إنما هو لحفظ حقه فقط ، لا يستفيد من ورائه شيئا .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب