الحمد لله.
حكم أكل التمساح
اختلف الفقهاء في أكل التمساح، فذهب الجمهور إلى تحريم أكله، وذهب المالكية إلى الجواز، وهو رواية عن أحمد رحمه الله.
وحجة من حرمه أن له نابا يفترس به، وحجة من أباحه دخوله في عموم قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ المائدة/96، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته رواه الترمذي (69) والنسائي (332) وأبو داود (83) وابن ماجه (386) وصححه الألباني في صحيح الترمذي. وينظر: "بلغة السالك لأقرب المسالك" (2/182) "المجموع" (9/34)، "الإنصاف" (10/364).
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أيحل أكل الحيوانات الآتية: السلحفاة، فرس البحر، التمساح، القنفذ، أم هي حرام أكلها؟
فأجابوا:
"القنفذ حلال أكله ؛ لعموم آية: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، ولأن الأصل الجواز حتى يثبت ما ينقل عنه.
وأما السلحفاة فقال جماعة من العلماء: يجوز أكلها ولو لم تذبح ؛ لعموم قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته لكن الأحوط ذبحها خروجا من الخلاف.
أما التمساح فقيل: يؤكل كالسمك ؛ لعموم ما تقدم من الآية والحديث، وقيل: لا يؤكل ؛ لكونه من ذوات الأنياب من السباع، والراجح الأول.
وأما فرس البحر فيؤكل لما تقدم من عموم الآية والحديث، وعدم وجود المعارض، ولأن فرس البر حلال بالنص، ففرس البحر أولى بالحل " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/319).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد ترجيح جواز أكل التمساح وحية البحر -:
فالصواب: أنه لا يستثنى من ذلك شيء، وأن جميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء حلال، حيّها، وميتها ؛ لعموم الآية الكريمة التي ذكرناها من قبل - يعني: قوله تعالى: أحل لكم صيد البحر وطعامه . "الشرح الممتع" (15 / 35).
وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله: هل لحم التمساح والسلحفاة حلال أم حرام؟
فأجاب:
"كل صيد البحر حلال، حيُّه، وميتُه، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ قال ابن عباس رضي الله عنهما: صيد البحر: ما أخذ حيّاًَ، وطعامه: ما وُجد ميتاً، إلا أن بعض أهل العلم استثنى " التمساح "، وقال: إنه من الحيوانات المفترسة، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن كل ذي ناب من السباع من وحوش البر: فإن هذا أيضاً محرم، ولكن ظاهر الآية الكريمة التي تلوتها: أن الحل شامل للتمساح". "نور على الدرب" (شريط 137، وجه: أ).
وقد ردَّ الشيخ رحمه الله على من حرم التمساح لكونه له ناب يفترس به، وبيَّن أن هناك أسماكاً أخرى لها ناب وتفترس به – كسمك القرش – وهم يبيحون أكلها.
فقال رحمه الله:
"وقوله " التمساح ": فهذا – أيضاً – يحرم، ولو كان من حيوان البحر، قال في "الروض": "لأنه ذو ناب يفترس به".
فهل هذا صحيح؟.
الجواب: نعم، لكنه ليس من السباع، ولهذا ليس ما يحرم في البر يحرم نظيره في البحر، فالبحر شيء مستقل، حتى إنه يوجد غير التمساح مما له ناب يفترس به، مثل: "القِرش"...
والحاصل: أنه توجد أشياء تقتل، ومع ذلك فإنها حلال، وعليه: فإننا نقول: الصحيح أنه لا يُستثنى "التمساح"، وأنه يؤكل" انتهى."الشرح الممتع" (15 / 34، 35).
هل يجوز أكل الضبع؟
ذهب كثير من أهل العلم إلى إباحة أكل الضبع، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، واستدلوا على ذلك بأدلة صحيحة صريحة.
قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (2/273): "ولحوم الضباع تباع عندنا بمكة بين الصفا والمروة، لا أحفظ عن أحد من أصحابنا خلافا في إحلالها".
وبهذا أفتى علماء اللجنة الدائمة (22/185). والشيخ ابن باز رحمه الله (23/34).
والله أعلم.
تعليق