الحمد لله.
أولا :
لا يخفى عليك حرمة الاقتراض بالربا ، وأنه من كبائر الذنوب ، الموجبة لسخط الله وعقابه ، وأن صاحبه متوعد بالحرب من الله تعالى ، ولهذا قلّما يفلح من لجأ إلى هذا الباب .
وعليه فالواجب على أبيك أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يندم على ما فات ، وأن يعزم على عدم العود إليه مستقبلا .
ثانيا :
ينبغي أن يبحث والدك عن وسيلة مباحة يحصّل بها المال المطلوب ، كالتعامل بالتورق ، وهو شراء سلعة بثمن مقسط ، وبيعها لجهة أخرى نقداً بثمن أقل ، وبهذا يتمكن من تحصيل مبلغ يسدد به ما عليه . أو أن يتعامل بالسَّلَم ، فيبيع قدرا معلوما من المحصول على أن يسلمه بعد سنة أو سنتين فلا ، ويقبض ثمنه الآن .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ) رواه البخاري (2241) ومسلم (1604).
والسلف هنا هو السَّلم .
فإذا لم يجد وسيلة مباحة لتحصيل المال الذي يسدد به الدين ، وترتب على ذلك دخوله السجن وخسارة أرضه المرهونة للبنك ، فهذه ضرورة تبيح الربا .
وانظر السؤال رقم (94823) لمعرفة ضابط الضرورة التي تبيح التعامل بالربا .
وإن أمكن والدك الاقتراض بنفسه ، فلا يجوز لك الدخول في الربا بحال ، وإن لم يمكنه الاقتراض ، فقد وجهنا سؤالك إلى الشيخ الدكتور خالد المشيقح حفظه الله فأفاد بأنه يجوز لك الاقتراض في هذه الحالة ، قال حفظه الله : " لا شك أن الربا محرم وأنه من كبائر الذنوب وأن صاحبه ملعون وأنه حرب لله وإذا كان كذلك فالأصل أنه لا يصار إليه ، لكن القاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات ، فإذا كان يترتب على ذلك ضرر يلحق الأب إما بسجن أو تعذيب أو نحو ذلك فيظهر أن هذا لا بأس به ، لو سلكوا طريقة أفضل من ذلك مثل القرض والسلم ونحو ذلك فهذا أولى .
يا شيخ : الضرر هنا واقع على الأب وليس الابن هل الحكم واحد ؟
فقال : نعم . الحكم واحد " انتهى .
كما سألنا الشيخ الدكتور عبد العزيز الفوزان حفظه الله كما يلي : " رجل سيسجن والده لأجل دين فهل له أن يقترض بالربا لفك والده ؟
فأجاب : " إذا لم يجد طريقا إلا هذا فأرجو ألا بأس عليه للضرورة ويكره الربا بقلبه " انتهى .
والله أعلم .
تعليق