الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل يحج عن أمه أو عن أبيه؟

تاريخ النشر : 28-01-2005

المشاهدات : 10496

السؤال

قد حججت والحمد لله ، ولكن والدي ماتا ولم يحجا ، وأنا أريد أن أحج عنهما ، فهل أبدأ بأمي ؟ وإن حججت عن أحدهما فأنا أريد أن أقترض للآخر وأوكل من يحج عنه .

الجواب

الحمد لله.

حق الأم في البر أعظم من حق الأب .

روى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ .

" قَالَ اِبْن بَطَّال : مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُون لِلأُمِّ ثَلاثَة أَمْثَال مَا لِلأَبِ مِنْ الْبِرّ , قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ لِصُعُوبَةِ الْحَمْل ثُمَّ الْوَضْع ثُمَّ الرَّضَاع , فَهَذِهِ تَنْفَرِد بِهَا الأُمّ وَتَشْقَى بِهَا , ثُمَّ تُشَارِك الأَب فِي التَّرْبِيَة . وَقَدْ وَقَعَتْ الإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن وَفِصَاله فِي عَامَيْنِ ) فَسَوَّى بَيْنهمَا فِي الْوِصَايَة , وَخَصَّ الأُمّ بِالأُمُورِ الثَّلاثَة .

قَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد أَنَّ الأُمّ تَسْتَحِقّ عَلَى الْوَلَد الْحَظّ الأَوْفَر مِنْ الْبِرّ , وَتُقَدَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَقّ الأَب عِنْد الْمُزَاحَمَة .

وَقَالَ عِيَاض : وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ الأُمّ تَفْضُل فِي الْبِرّ عَلَى الأَب , وَقِيلَ : يَكُون بِرّهمَا سَوَاء , وَالصَّوَاب الأَوَّل " انتهى من "فتح الباري" .

وقال النووي في "شرح مسلم" :

" الصَّحَابَة هُنَا بِمَعْنَى الصُّحْبَة . قَالَ الْعُلَمَاء : وَسَبَب تَقْدِيم الأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ , وَشَفَقَتهَا , وَخِدْمَتهَا , وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله , ثُمَّ وَضْعه , ثُمَّ إِرْضَاعه , ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه , وَغَيْر ذَلِكَ " انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل هذا السؤال ، فأجاب :

" حج عن أمك أولاً ، لأن الأم أحق بالبر عن الأب ، وهذا في الفريضة ، أما لو كان حج الأم نفلاً والأب فريضة فتبدأ بالفريضة للأب ، لكن لا تقترض لتنيب من يحج عن أبيك ، فإذا كان العام القادر وأنت قادر فحج عن أبيك ، وكونك الذي تؤدي الحج خير من كونك تنيب غيرك ، لأن إخلاصك لأبيك أكبر من إخلاص غيرك لأبيك ، لهذا نقول : لا يجوز لك أن تقترض من أجل أن تنيب من يحج عن أبيك ، بل حج عن أمك هذا العام ما دمت قادراً ، وفي العام القادم إن كنت قادراً فحج عن أبيك " انتهى .

"فتاوى ابن عثيمين" (21/ 134) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب