الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

يعمل مديرا ماليا في شركة تقترض بالربا وتتعاقد مع شركات التأمين التجاري

تاريخ النشر : 12-01-2012

المشاهدات : 16570

السؤال


أنا أعمل مديرا ماليا في شركة تعمل في بيع الملابس الحريمي والأحذية الرجالي والنسائي وملابس الأطفال والإكسسوارات الحريمي والملابس الداخلية الحريمي ، وهي توكيلات عالمية تستوردها الشركة من أوروبا وكندا وأمريكا ودول أخرى ؛ سؤالي هو عبارة عن ثلاثة أجزاء: الأول :
المعروضات من الملابس الحريمي تكون ملابس ضيقة وقصيرة وشفافة وبناطيل جينز وملابس تكشف العورات - ملابس متبرجات فهل أنا على إثم من بيع هذه الملابس المتبرجة مع العلم أن الشركة تبيع أيضا ملابس أطفال وأحذية حريمي ورجالي وإكسسوارات حريمي وملابس داخلية حريمي. بالإضافة إلى الإعلانات في مجلات الأزياء والموضة والمجلات المتبرجة الثاني :
الشركة تقترض من البنك وتتعامل بالربا ، حيث تأخذ قروضا ربوية وتتعامل بالحسابات ، سحب على المكشوف ، والبنك بالطبع يأخذ فوائد ربوية على هذه الحسابات. وبحكم عملي مديرا ماليا يطلب مني عمل تقارير يومية أو شهرية على الموقف المالي للشركة ، والتدفقات النقدية ، وإرسالها عن طريق الإيميل أو طبعها وتقديمها إلى المراقب المالي أو غيره ، ومراجعة الميزانية التي يكون فيها بالطبع أرصدة القروض والفوائد الربوية ، كما أن المحاسبين تحت إشرافي يقومون بتسجيل هذه القروض وفوائدها في الدفاتر ، ومن خلال تسوية البنوك ، وأنا أعلم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ . وَقَال َ: هُمْ سَوَاءٌ ) رواه مسلم ؛ فهل أنا أقع تحت كاتبه وشاهديه . ثالثا :
الشركة تقوم بالتأمين التجاري على جميع المحلات ، وبصفتي المدير المالي أقوم بمتابعة كل عقود التامين مع مستشار التامين للشركة ، من إصدار وثائق تأمين جديدة أو تجديد وثائق أو أي استفسار متعلق بالتأمين ، وأنا أعلم أن التامين حرام ، فهل أنا أكون بذلك متعاونا على هذا الإثم ؟ سؤالي هو :
هل عملي في الشركة بهذه الصورة كما أوضحتها حرام أم حلال ؟ وإن كان حراما ، فهل يجب ترك الشركة فورا دون إيجاد عمل آخر ، والبحث بعد ذلك على عمل لا شبهة فيه ابتغاء مرضاة الله ، والبعد عن الحرام ، مع مراعاة أني غير متزوج وأبحث عن زوجة ، وسني 38 سنة ، أم أستمر في العمل وأبحث عن عمل آخر إلى إن يشاء الله بإيجاد عمل لا شبهة فيه . وشكرا وعذرا للإطالة .

الجواب

الحمد لله.


أولا : لا حرج على الإنسان من العمل في شركةٍ ومؤسسةٍ أصلُ عملها مباح ، وإن خالطها القيام ببعض التعاملات المحرمة ، شريطة أن لا يكون لعمله تعلق مباشر بشيء من الأعمال المحرمة أو الإعانة عليها .
وينظر جواب السؤال (160202).
ثانياً : بما أن عملك قائم على كتابة التقارير المالية ومنها القوائم الربوية ، وكذلك متابعة وتسوية العقود مع شركات التأمين المحرمة ، فأنت بذلك مباشر للعمل المحرم ، ومعين عليه ؛ فلا يجوز لك الاستمرار فيه لهذين الوجهين : مباشرة العمل المحرم ، والإعانة على ما تعمله الشركة من العقود المحرمة .
وفي صحيح مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ).
وكاتب الربا يشمل : من قام بتحريره ، والمحاسب الذي قام بتقييده ، ومن يقوم بمراجعته ، وكل من له تعلق به من ختم وتصديق ونحو ذلك .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (15/5) : " حديث لعن كاتب الربا عام ، يشمل : كاتب وثيقته الأولى ، وناسخها إذا بليت ، ومقيد المبلغ الذي بها في دفاتر الحساب ، والمحاسب الذي حسب نسبة الربا وجمعها على أصل المبلغ ، أو أرسلها إلى المودع ، ونحو هؤلاء ". انتهى .

ثالثاً : الواجب عليك ترك القيام بجميع الأعمال المتعلقة بالربا والتأمين فوراً ، وليس ثمة عذر يبرر لك الاستمرار بهذه الأعمال المعينة على الربا والتأمين .
وبإمكانك أن تطلب من أصحاب الشركة تحويلك إلى عمل آخر ليس فيه مباشرة لمحرم ، ولا إعانة عليه ، أو استثناء هذه الأشياء من أعمالك .
فإن لم يجيبوك إلى ذلك ، فيلزمك ترك العمل في هذه الشركة ، والبحث عن عمل آخر في شركة أخرى ، وأبواب الرزق الحلال كثيرة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فينبغي أن يعظُم توكلك على الله ورجاؤك فيما عنده وثقتك فيما أعده لعباده الصالحين المتقين.
قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ).
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ : أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا ، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا ، فاتَّقُوا اللَّهَ ، وأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَة الله ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ ). رواه أبو نعيم في " الحلية " (10/27)، وصححه الألباني .
رابعاً : أما ما يتعلق ببيع الملابس النسائية ونحوها من الأشياء التي قد تُستعمل في الحلال أو الحرام ، فالأصل في مثل هذه الأشياء : جواز بيعها إلا لمن عُلم ، أو غلب على الظن باعتبار ظاهر حاله ، أو قرائن أخرى ، أنه يستعملها في الحرام.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (102214) ، (75007) ، (85000) .

وعلى كلٍّ فإن طبيعة عملك لا تتعلق ببيع هذه الأشياء بشكل مباشر للعملاء ، فمشكلتك أنت بالمقام الأول هي في عقود الربا والتأمين التي تقوم بمباشرتها بحكم عملك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب