السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم الانتحار بسبب ضيق الأحوال المعيشية

السؤال

ما حكم الانتحار بسبب ضيق الأحوال المعيشية وشدة البلاء في الدنيا،  وهل يؤجر الإنسان على الضيق الذي ابتلي به إن صبر؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب ، وفاعلها متوعد بالخلود في نار جهنم أبداً ، ويعذبه الله تعالى بالوسيلة التي انتحر بها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها [أي يطعن] في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري (5442) ومسلم (109).
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) .
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 ).

ثانياً: 
على المؤمن أن يتصبر ويستعين بالله تعالى ، ويعلم أن كل شدة تصيبه في الدنيا ـ مهما كانت شديدة ـ فإن عذاب الآخرة أشد منها ، ولا يصح عند أحد من العقلاء ، أن يستجير الإنسان من الرمضاء بالنار ، فكيف يفر من ضيق وشدة مؤقتة ـ لابد لها من نهاية ـ إلى عذاب دائم لا نهاية له .
وليتأمل المسلم أنه ليس هو الوحيد في الدنيا الذي يصيبه البلاء والشدة ، فقد أصاب البلاء سادات البشر وهم الأنبياء والرسل والصالحون ، وأصاب أيضاً شر البشر وهم الكافرون والملحدون .
فالبلاء سنة كونية ، لا يكاد يسلم منها أحد .
فإذا أحسن المؤمن التعامل معها ، فصبر ، وجعل ذلك سبباً لرجوعه إلى الله واجتهاده في العبادات والأعمال الصالحة ، كان البلاء خيراً له ، وكان مكفراً لذنوبه ، حتى لعله يلقى الله تعالى وليس عليه خطيئة .
فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) رواه البخاري (5642) ومسلم (2573) .
وروى الترمذي (2399) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2280) .

ثالثاً: 

وأما إذا كان الانتحار بسبب أمراض نفسية أثرت في عقله تأثيراً بالغاً حتى لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، فمثل هذا إن حصل منه قتل لنفسه : فلا يكون مع المذنبين الواقعين في كبيرة الانتحار ، بل يكون معذوراً ؛ وذلك لوجود مانع من موانع التكليف وهو "فَقْدُ العقل" .

وقد سبق بيان هذا في جواب سؤال: (أصيبت بمرض نفسي ثم قتلت نفسها فهل تعد منتحرة ؟ ).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب