الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ترفض السفر مع زوجها؛ لأنها تتضايق بالعيش في بلاد الغربة، بعيدا عن أهلها

تاريخ النشر : 11-11-2009

المشاهدات : 69411

السؤال

أنا مصري أعمل في السعودية وتزوجت واتفقت مع أهل زوجتي على أنها سوف تقيم معي بالسعودية ووافقوا ومضى على ذلك الأمر ثلاث سنوات ولكن مع الوقت بدأت زوجتي بالضيق من حياة الغربة وطلبت مني العودة إلى مصر بحجة أنها لا تحتمل المعيشة بمفردها بعيداً عن أهلها وبلدها ، ولا تستطيع التأقلم رغم محاولاتها على المعيشة بالسعودية ، وكررت في طلبها للعودة إلى مصر. فما هو حكم الدين إذا أصرت زوجتي على طلبها إذا نزلت أجازة ولم تعد مرة أخرى للإقامة معي بالسعودية رغم رفضي؟ وماذا أفعل حتى لا أظلمها ملحوظة: زوجتي تقضي أجازة سنوية بمصر لا تقل عن ثلاث أشهر متصلة ولي منها بنت عمرها ستة أشهر .

الجواب

الحمد لله.

إذا سافر الزوج وأراد اصطحاب زوجته وجب عليها مرافقته والانتقال معه ، ما دام سيوفر لها الحياة المناسبة ، ولا ضرر عليها في هذا السفر .

قال الإمام مالك رحمه الله :

" وللزوج أن يظعن [أي : يسافر] بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت ، وينفق عليها " انتهى .

"تهذيب المدونة" (1/421) .

وقال ابن قدامة في "المغني" (8/181) :

"تَسْتَحِقُّ الْمَرْأَة النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا بِشَرْطَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً يُمْكِنُ وَطْؤُهَا

الشَّرْطُ الثَّانِي : أَنْ تَبْذُلَ التَّمْكِينَ التَّامَّ مِنْ نَفْسِهَا لِزَوْجِهَا , فَأَمَّا إنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا أَوْ مَنَعَهَا أَوْلِيَاؤُهَا , فَلَا نَفَقَةَ لَهَا , وَإِنْ أَقَامَا زَمَنًا , فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ عَائِشَةَ وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ , وَلَمْ يُنْفِقْ إلَّا بَعْدَ دُخُولِهِ , وَلَمْ يَلْتَزِمْ نَفَقَتَهَا لِمَا مَضَى . وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ , فَإِذَا وُجِدَ اسْتَحَقَّتْ , وَإِذَا فُقِدَ لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا .

وَلَوْ بَذَلَتْ تَسْلِيمًا غَيْرَ تَامٍّ , بِأَنْ تَقُولَ : أُسَلِّمُ إلَيْك نَفْسِي فِي مَنْزِلِي دُونَ غَيْرِهِ . أَوْ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ دُونَ غَيْرِهِ . لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا , إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ اشْتَرَطَتْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَبْذُلْ التَّسْلِيمَ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ , فَلَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ" انتهى باختصار .

ويتأكد هذا الحق لك بأنك قد أخبرتهم بذلك ووافقوا .

فيجب على المرأة طاعة زوجها بالسفر معه ، والاستقرار معه في البلد التي فيها معاشه ، مادام أنها تعيش بها حياة كريمة .

وعليها أن تتحلى بالصبر ، وتحاول التأقلم مع البيئة الجديدة التي تعيش فيها ، فتكوّن صداقات مع أخواتها المسلمات ، وتشاركهن في الطاعات وصنائع المعروف ، من حفظ القرآن والتزاور ونحو ذلك .

وعليها أن تتذكر دائما عظيم حق زوجها عليها ، وأن عليها طاعته ، والقيام على أمره ، ومحبة صحبته ، والرضا بالعيش معه على كل حال ، فبذلك تقوم البيوت المسلمة على أواصر المحبة والوئام ، وبه تتم المعاشرة بالمعروف ، والتي بها تتم مقاصد النكاح .

ولتعلم أن هذا الإحساس الذي تشعر به هو مؤقت وسيزول بإذن الله تعالى مع الصبر والتحمل والاستعانة بالله تعالى ، كما وقع ذلك لكثيرات غيرها .

وعلى الزوج أن يعلم أن هذه الشكوى ليست شكوى زوجته وحدها ، بل كثيرات يشتكين الشكوى نفسها ، بسبب الشعور بالغربة والوحدة ، فعلى الزوج معالجة الأمر بالحكمة والتروي ، وبذل كل ما يمكنه في سبيل إعانتها على تجاوز هذه المشكلة ، فيعطيها جزءاً من وقته على قدر استطاعته ، فلا يتأخر في رجوعه إلى البيت بعد انتهاء العمل ، ولا يخرج من البيت بعد انتهاء عمله ، إلا لحاجة ملحة ، وإذا أمكن أن يصطحب زوجته معه فليفعل ، ويساعدها في إيجاد صديقات لها يساعدنها على ألم الوحدة والغربة ، وليستعن بالعقلاء من أهلها لنصحها وترشيدها ، وإغرائها بالعيش في السعودية ، حيث تتمكن من الحج والعمرة والصلاة في الحرم ونحو ذلك .

 ونسأل الله تعالى أن يجمع بينكما في خير .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب