الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

همٌّ وغمّ نتيجة علاقة محرَّمة

السؤال

أنا حاليا في وضع عاطفي صعب جداً ولا أفكر في شيء غير الموت . أنا لا أستطيع التفكير في أي شيء يتعلق بمستقبلي أو أي شيء آخر سوى الموت . ومع ذلك , فإني لا أريد أن أموت الآن ، وأنا آمل من الله القدير الرحمن أن يغفر لي خطيئتي التي ارتكبتها .
المشكلة هي أنني أقمت علاقة حميمة مع امرأة خلال الأشهر القليلة الماضية ، لم تكن عندي أي نية لإقامة أي علاقة محرمة معها إطلاقاً ، لكن السبب الذي جعلني أتقرب إليها هو أني أردت إقناعها بالعدول عن قتل نفسها ، لقد كانت مقتنعة بفكرة الانتحار ، وكانت تتعاطى العقاقير بجرعات عالية ، كنت أحاول إقناعها وإرشادها كي تعدل عن ارتكاب تلك المعصية (الانتحار) ، وكنت أريد أن أبعدها عن الوقوع في النار ، ولكن الذي حصل هو أن الأمور بدأت تتطور تدريجيا إلى أن تكونت تلك العلاقة بيني وبينها ... نحن لم نمارس الجنس أبدا , ولم تكن لدي أي نية لأقع في الفاحشة معها . هذه المرأة متزوجة . والمشكلة هي أنها تدعي أني وقعت عليها مرة . أنا لا أصدق ما تزعمه لأني لم أخلع ملابسي أبدا , لكنها كانت نصف عارية .  أنا أخاف من أني أكون قد ارتكبت معصية ، ولو أني لم أقع عليها . ولكن ، إن كنت قد وقعت فيما تقوله تلك المرأة , فأنا أخاف أن يكون قد قُضي علي .
أنا لا أصدقها لأني وجدتها لا تضمر لي الخير ، ولأن أمر انتحارها ذلك ربما لم يكن إلا لتتقرب إلي ...
وأنا الآن قلق جداً .  ولا أستطيع النوم ولا القيام بأي شيء . أنا نادم على ما حصل . وأدعو الله أن يغفر لي ..  كل ما أردت فعله هو أن أخلص نفسا من النار, لكني الآن أخشى أن أكون قد تسببت في تدمير نفسي .

الجواب

الحمد لله.


أولا : عليك أيها الشاب بالتوبة إلى الله من الصّداقة مع تلك المرأة ، فإنّ هذه المعصيةَ التي وقعت فيها ، بسبب تساهلك في هذه العلاقات والخلوة بالنساء ، فإنها معصية لله تستوجب عقابه وعذابه ، انظر للأهمية سؤال  1114 و9465 .

ثانياً : قطع العلاقة نهائيا مع تلك المرأة ومع أيّ امرأة أخرى أنت على علاقة بها ، لأنّ أغْلَبَ هذه العلاقات تَنْتَهِي بالوقوع في الزنا المحرم أو أيّ نوع من الاستمتاع المحرم والعياذ بالله ، حتى وإن كانت في البداية كما تقول علاقات عفيفة فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . واعلم بأن الخلوة بالمرأة الأجنبية لا يمكن أن تسمى علاقة عفيفة أبداً

والآن عليك بالإسراع والمبادرة بالتوبة إلى الله توبة نصوحا ، وذلك بالندم على ما مضى والإقلاع عن هذه العلاقة والعزم الصادق على عدم العودة إلى أي علاقات محرمة أخرى ، فهذه المرأة الخبيثة تحاول أن توهمك وتقنعك أنك ارتكبت معها الفاحشة حتى تتخذ ذلك وسيلة لارتكاب الفاحشة معها مرات أخرى ، وحتى لو كان الأمر كما تزعم هذه المرأة من وقوعك معها في المحرم ، فلا تجعل الشيطان يستغل هذه الفرصة و يجعلك تيأس من رحمة الله ، فيتمادى بك حتى يهون عليك أمر الوقوع في الفاحشة مرة أخرى والمداومة على فعلها فيهيئ لك أن التوبة أصبحت أمراً صعباً ، والشيطان حريص على أن يتمكن هذا الشعور منك ، ولكن رحمة الله واسعة فبادر بالتوبة ، قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الذين أسرفوا على أنفسِهِم لا تَقْنَطُوا من رحمة الله إنَّ الله يغفر الذنوب جميعاً إنَّه هو الغفور الرحيم ) الزمر/53  ، فإن الله عز وجل يَغْفِرُ ذنب من صدق وأخلص في توبته ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ له العذَاب يومَ القِيَامة ويَخْلُد فيه مُهَاناً إلا من تاب وآمن وعَمِلَ عَمَلاً صالحاً فأولئك يُبَدِّل الله سيئاتِهِمْ حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ) الفرقان/69 .

و عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ : فَنَزَلَتْ ( وأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِيَ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي )ِ ( وفي لفظ ) قَالَ : أَصَابَ رَجُلٌ مِنْ امْرَأَةٍ شَيْئًا دُونَ الْفَاحِشَةِ ، أي دون الزنا في الفرج " رواه مسلم ( التوبة/4964) .

وأكثر من الأعمال الصالحة والصلاة والاستغفار ، وابحث عن رفقة طيبة متدينة لتكون بديلاً عن هذه العلاقات المحرمة المشبوهة ، واعلم أن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها وأن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر .

وعليك أخيرا بالمبادرة إلى اتخاذ الطريق الشرعي الذي تحفظ به نفسك بإذن الله وهو الزواج الذي تدرأ به نفسك الوقوع في الحرام .

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد