هل تمنع الديون الزكاة؟
موظف راتبه (4750) ، وعليه أقساط للبنك (4150) ، ولا يبقى من راتبه سوى (600) ، وإجمالي الديون التي عليه أكثر من (360) ألف ، ولديه محفظة أسهم إجمالي ما فيها (35) ألف ريال ، وحال عليها الحول ، فهل عليه زكاتها ؟
الجواب
الحمد لله.
اختلف أهل العلم فيمن يملك نصاب الزكاة من المال وحال عليه الحول ، ولكن عليه ديون
تستغرق هذا النصاب أو تنقصه ، فهل يؤدي زكاة ماله أم لا ، على قولين :
القول الأول : تجب عليه الزكاة ، ولا يمنع الدَّيْنُ وجوبها : وهو مذهب الشافعية .
القول الثاني : لا تجب عليه الزكاة ، والدَّينُ عذر يسقط الوجوب : وهو قول المذاهب
الثلاثة : الحنفية والمالكية والحنابلة ، على تفصيل بينهم بين الأموال الظاهرة (
النقد ) ، والأموال الباطنة ، وبين الدين الحال ، والدين المؤجل .
قال المرغيناني الحنفي في "الهداية" :
" ومن كان عليه دين يُحيط بماله فلا زكاة عليه ؛ لأنه مشغول بحاجته الأصلية ،
فاعتبر معدوما " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/633) :
" الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة رواية واحدة ، وهي الأثمان وعروض
التجارة ، وبه قال عطاء , وسليمان بن يسار ، وميمون بن مهران ، والحسن ,
والنخعي ، والليث ، ومالك , والثوري ، والأوزاعي ، وإسحاق , وأبو ثور ، وأصحاب
الرأي .
وقال ربيعة ، وحماد بن أبى سليمان , والشافعي في جديد قوليه : لا يمنع الزكاة ؛
لأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت عليه الزكاة ، كمن لا دين عليه " انتهى .
وقد أطال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح المسألة ، وذِكرِ أدلة الفريقين في
كتابه "الشرح الممتع" (5/33-40) ، ثم قال :
" والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا ولو كان عليه دين يُنقص النصاب ، إلا دينا وجب
قبل حلول الزكاة ، فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده ، وبذلك تبرأ الذمة ، ونحن إذا
قلنا بهذا القول نحث المدينين على الوفاء ، فإذا قلنا لمن عليه مائة ألف دَيْنًا
ولديه مائة وخمسون ألفا والدين حال : أَدِّ الدين وإلا أوجبنا عليك الزكاة بمائة
ألف ، فهنا يقول : أؤدي الدين ؛ لأن الدين لن أؤديه مرتين .
وهذا الذي اخترناه هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز ، والذي يفرق بين الأموال
الظاهرة والباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله .
وهذا الذي رجحناه أبرأ للذمة ، وأحوط ، والحمد لله ، " ما نقصت صدقة من مال " كما
يقوله المعصوم عليه الصلاة والسلام " انتهى .
كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (22426)
فمن أحب الاستزادة فليرجع إليه .
أما زكاة الأسهم ، فإذا كانت هذه الأسهم يتخذها للتجارة ، يشتري أسهماً ثم يبيعها
ليربح فيها ، فهي عروض تجارة ، يقومها كل سنة بما تساويه ، ويخرج زكاتها 2.5
بالمائة .
أما إذا كانت الأسهم ليست للتجارة ، وإنما يبقيها ليستفيد من أرباحها السنوية ،
فهذه الأرباح فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول ، أما إذا كان ينفقها
أولاً بأول ، فلا زكاة فيها ، وأما زكاة أسهمها ، فلا زكاة فيها من حيث الأصل ،
لأنها ليست عروض تجارة ، لكن هناك تفصيل وتفريق بين الشركات التجارية والصناعية
والزراعية سبق بيانه في جواب السؤال رقم (69912)
.
والله أعلم .