وجدت آثار المذي في الملابس الداخلية بعدما صليت الصبح والظهر والعصر فغيّرت ملابسي قبل صلاة المغرب فهل ما صليته باطل ؟
الحمد لله.
أولا :
المذي ماء لزج يخرج عادة عند ثوران الشهوة ، وهو نجس ناقض للوضوء ، لكن نجاسته مخففة فيكفي في تطهيره غسل الفرج ورش الثوب بالماء .
وينظر جواب السؤال رقم (2458) .
ثانيا :
صلاتك الصبح والظهر والعصر صحيحة إن شاء الله ولا يلزمك إعادتها .
وذلك لسببين :
1- أنك لا تتيقن موعد خروج المذي ، فهناك احتمال أن يكون خرج بعد صلاة العصر ، ومع وجود هذا الاحتمال : فالأصل أن ما سبق من الصلوات كان صحيحاً ، والقاعدة عند العلماء في هذا : أنه إذا وقع شك بعد الفراغ من العبادة : هل كانت صحيحة أم لا ؟ فهذا الشك لا يلتفت إليه ، ويبني المسلم على الأصل : وهو أن العبادة صحيحة حتى يتيقن ما يبطلها .
2- أن من صلى بالنجاسة جاهلا وجودها، أو علمها ثم نسيها ، فصلاته صحيحة على الراجح، ونسبه النووي رحمه الله إلى الجمهور واختاره . المجموع (3/163).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وقوله: (أو نَسيَها) أي: نَسيَ أنَّ النَّجاسة أصابته ، ولم يذكر إلا بعد سلامه فعليه الإعادة على كلام المؤلِّف ؛ لإخلاله بشرط الصَّلاة ؛ وهو اجتناب النجاسة ، فهو كما لو صَلَّى محدثاً ناسياً حدثه.
ومثل ذلك لو نسيَ أن يغسلها .
والرَّاجح في هذه المسائل كلِّها : أنه لا إعادة عليه سواء نسيها ، أم نسي أن يغسلها ، أم جهل أنها أصابته ، أم جهل أنها من النَّجاسات ، أم جهل حكمها ، أم جهل أنها قبل الصَّلاة ، أم بعد الصلاة .
والدَّليل على ذلك : القاعدة العظيمة العامة التي وضعها الله لعباده وهي قوله: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) وهذا الرَّجُل الفاعل لهذا المحرَّم كان جاهلاً أو ناسياً ، وقد رفع الله المؤاخذة به ، ولم يبقَ شيء يُطالب به .
وهناك دليل خاصٌّ في المسألة ، وهو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صَلَّى في نعلين وفيهما قَذَرٌ ؛ وأعلمه بذلك جبريل لم يستأنف الصَّلاة ، وإذا لم يُبْطِل هذا أولَ الصَّلاة ، فإنه لا يُبْطِلُ بقيَّة الصَّلاة " انتهى من "الشرح الممتع" (2/232).
والله أعلم .