بكر زوجت نفسها على يد مأذون بدون إذن والدها ولا يعلم حتى الآن بزواجها
أنا فتاة من بلد عربي عمري 33 عاما ، وأهلي أناس محترمون وذوو مناصب رفيعة في البلاد ويخشون الله وربوني على طاعته ورجاء رحمته وخوف عذابه ، رزقني الله عز وجل الجمال والمال والعقل الرزين والأصل الطيب ، وكلها صفات يتمناها الرجل في زوجته لذا سعى الكثيرون الذين احسبهم عند الله من ذوي الأخلاق الحميدة والدين القويم والمناصب الجيدة للارتباط بى ولكن الله لم يقدر ذلك .
منذ حوالي 5 سنوات ، تعرفت على احد زملائي في العمل وهو متزوج وله أربعة بنات ، وبعد فترة أيقنا أننا نتفق في أغلب الصفات وبيننا تفاهم جيد خاصة في رغبتنا ومخططاتنا لحياتينا الدنيوية والأخروية ، لذا قررنا البدء في التخطيط للزواج لأننا لا نريد إغضاب ربنا عز وجل ، ولأننا ندرك أن زواجنا لا بد له من مشاكل كثيرة لأن أهلي لن يوافقوا بهذه السهولة أن أرتبط برجل متزوج ، كما أن زوجته لن توافق طبعا على زواجه من أخرى ، وبالفعل بدأ هو بالخطوة الأولى وأبلغ زوجته وقامت الدنيا ولم تقعد وأنذرته بالويل والثبور وطلبت الطلاق وهددته بحرمانه من بناته إن هو أقدم على الزواج بي وقامت بإبلاغ أهلي واتصلت بجميع معارفنا في العمل وزملائنا وشوهت صورتي أمامهم ، ولم يصدقها أحد لأنهم يعرفوني جيدا في العمل ويعرفون أخلاقي وأهلي ، ومن أجل هذا الموقف قررنا الابتعاد ونسيان الموضوع من مبدأ من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، لكننا لم نتمكن من الابتعاد عن بعضنا أكثر من شهرين ورجعت علاقتنا مرة أخرى ومحاولاتنا إقناع زوجته بالموضوع لكننا في هذه المرة ارتكبنا المعصية وأغضبنا ربنا ، وظل هذا الخطأ ضاغطا على أعصابنا ونفسيتنا إلى أن قررت في يوم أن أنهي هذه العلاقة تماما لأنها جرتني إلى الحرام واستقلت من عملي وحجزت عمرة بصحبة والدي لأنني بحاجة إلى غسيل روحي أمام الكعبة من هذا الذنب الذي يكاد يقضي علي من ندمي عليه ، لكن هذا الرجل علم بسفري للعمرة واتصل بي قبل السفر هو في حالة هياج وقال : انه لا يمكنه أن يتركني أقف بين يدي ربي وأمام كعبته في بيته الحرام وأنا مذنبة هذا الذنب خاصة أنه شريك فيه وطلب تحديد موعد من والدي لكي يتمم زواجنا على سنة الله ورسوله مهما كانت العواقب واتصل بخاله لكي يكون شاهدا على عقد الزواج لكن خاله سامحه الله أقنعه بضرورة التمهل والمحاولة مرة أخرى مع زوجته وأن أصلي الاستخارة في الحرم ما دمت ذاهبة إلى مكة ، وسافرت على هذا الأساس وقام هو أثناء وجودي في مكة بالكلام مع زوجته مرة أخرى لكنها ثارت واتصلت بي وأنا في مكة وسبتني بأقذع الألفاظ واعتبرت أن هذه هي نتيجة الاستخارة وقررت أن أنهي الموضوع تماما بمجرد عودتي إلى بلدي، لكنه اقترح تأجيل الموضوع لمدة غير معلومة إلى أن تهدأ زوجته ويدبر أموره المادية وأمور حضانة أطفاله إن هي أصرت على حرمانه منهم ويشتري بيتا نتزوج فيه وما إلى ذلك من أمور الزواج ، ووافقته واشترطت عليه أنه مهما حدث لن يطلق زوجته مهما كانت الأسباب ، لكننا فوجئنا بتعب الم به وكان رأي الطبيب أن هناك ورم خبيث في رقبته لا بد من إزالته ولأنه مريض بالكبد والسكر وسيولة الدم فان نسبة نجاح هذه العملية ضعيفة بسبب النزيف المتوقع حدوثه ، وفوضنا أمرنا لخالقنا وتحدد موعد العملية بعد أسبوع وفاجأني هو مرة أخرى بأنه سيعقد علي عرفيا فإذا توفاه الله في العملية يكون لدي ما يثبت أنني متزوجة حتى لو عرفيا أفضل من وضعي الحالي ، ولا أدري لم وافقته رغم عدم اقتناعي بصحة الزواج العرفي وبدون علم أهلي ربما لأنه كان يموت أمامي ولا أستطيع أن افعل له شيئا ، لكنه أقنعني بأنه يمكننا الزواج على مذهب الإمام أبي حنيفة الذي أفتى بجواز زواج المرأة بدون ولي ، وكتبنا عقدا أثبتنا فيه أن المهر المقبوض جنيه واحد والمؤجل عشرة آلاف جنيه وشهد علي العقد شابان من الشارع لا نعرفهما ولم يثبت في العقد أرقام بطاقتي الرقم القومي الخاص بهما أو عنوانهما ولا أي طريقة استطيع أن أطلب بها شهادتهما إن حدث أي مشكلة ، مع وعد منه بأنه سوف يكمل موضوع الزواج الرسمي إن نجاه ربي من هذه العملية ، وعشت معه على مدى ستة أشهر كزوجين ، نلتقي في بيته عندما تكون زوجته غير موجودة ، لكنه ولا أدري لماذا عندما تمم ربي شفاءه وطلبت منه أن نتزوج رسميا بعلم أهلي وأهله أو على الأقل أن نوثق هذا العقد في الشهر العقاري طلب مني أن أمهله بعض الوقت ليرتب أموره لكنني لم أوافق وأخبرته انه أمامه أسبوع يحسم موقفه وإلا فليطلقني ، وطلقني فعلا ومزقنا العقد وابتعدنا عن بعضنا ، إلا أنني فوجئت به يتصل بي ويخبرني انه لا يستطيع العيش بدوني وأنه سوف يراجعني فوافقته وأعلم أنني مخطئة لكنني أنا الأخرى أحبه ولا أطيق الحياة بدونه ، واختلفنا بسبب الزواج الرسمي فقال لي أنا أصلا غير مقتنع بأن ما بيننا من عقد عرفي هو زواج صحيح وإن كان ما بيننا زواج فأنت طالق ، وقطعت علاقتي به نهائيا لمدة تزيد عن الأشهر الثلاثة ولم أرد على محاولاته الاتصال بي إلى أن فوجئت به مرة في مقر عملي وقال لي ( من هنا عالماذون بدون أي كلمة ) ، وفي الطريق استفسرت منه عن موقف زوجته فأجابني أنها على موقفها ، وأنني يمكنني تزويج نفسي ، وافتانا المأذون سامحه الله بان من حقه الزواج بأخرى دون موافقة زوجته وان زوجته تظلمه وتظلمني لأنها تهدده بحرمانه من أطفاله ، وبأنه سيدفع رشوة لموظف المحكمة كي لا يصل زوجته إشعار رسمي بزواج زوجها من أخرى كما يقتضي القانون ، كما أفتانا بأنني من حقي تزويج نفسي إذا كان الولي معضلا ، وقد كذبنا عليه في هذه النقطة لأننا لم نخبر والدي برغبتنا في الزواج خوفا على صحته الضعيفة ، وقام المأذون بدور الولي وعقد القران . لكنني ما زلت غير مقتنعة بوضعي هذا وتسبب عدم اقتناعي في الكثير من المشاكل بيني وبينه إلى أن طالبته إما بإعلام زوجته ووالدي بكل شيء أو ننفصل تماما وذهبنا إلى ذات المأذون وتطلقنا ولم احصل منه أي حق من حقوقي الشرعية من مؤخر صداق ونفقة وما إلى ذلك لعدم اقتناعي بصحة هذا الزواج ولأنني لا أريد فعلا رؤيته أو الارتباط به مرة أخرى بالرغم من حبي له ولكن حبي لربي وخوفي من إغضابه أكبر من كل شيء . وكل مرة لم نطق الابتعاد عن بعضنا ، لكنني في هذه المرة مصرة على عدم الانجراف إلى طريق المعصية وإغضاب ربي ، لذا أرجو من سيادتكم التكرم وتوجيهي على الطريق الصحيح للتصرف في هذا الموضوع : هل زواجنا في هذه المرات الثلاث صحيح وبالتالي طلاقنا صحيح أم هو زنا ويجب علينا التوبة منه ؟ وهل من حق زوجته وأبي منعنا من الزواج لأنه رجل متزوج ولديه أطفال ؟ وهل أنا ظلمت زوجته لأنني رغبت في زوجها وتزوجت به ؟ هو الآن يؤدي العمرة طلبا للمغفرة ، وهاتفني من هناك طالبا مني تحديد موعد مع أبي للزواج وليكن ما يكون من موقف أهلي وزوجته فهو لا يريد أن يتركني أواجه مصيري لوحدي لأنه يحبني ولا يستطيع العيش بدوني كما لا أستطيع الحياة بدونه ، كما أنه لا يريد لي الأذى واتفقنا على أن الخطوة الأولى هي التأكد من موقفنا الشرعي ثم إخبار أحد أعمامي المقربين ليتوسطوا في الموضوع لدى أبي دون إخباره الحقيقة خوفا على صحته ، متوكلين على ربي تعالى أن يسترنا ويعفو عن ذنبنا ويقبلنا في عباده الصالحين وييسر لنا أمرنا فنحن في النهاية نطلب رضاه ونريد العيش الحلال .ومقتنعون بأن ما بيننا ليس شهوة أو غريزة بل هو رغبة في إقامة حياة زوجية كاملة يرضى عنها الله تعالى ورسوله ويفرح بها الناس من حولنا وتثمر عن أطفال نربيهم ونعتني بهم ونسعى لتجنيبهم كل خطأ وحرام وقعنا به. أنا أعلم أن الثلث الأخير من الليل يستجاب فيه الدعاء بإذن الله تعالى لذا فأنا أقضي ليلي في البكاء والصلاة والاستغفار وطلب رحمة ربي ورضاه عني ندما على ما فعلت وخوفا من ربي لأنني يستقر في قلبي وعقلي أنني لم أكن متزوجة وأنني ظالمة لنفسي عاقة لوالدي وأهلي ، لا أستطيع أن أسعدهم وأتزوج أحدا ممن يرغبون في الارتباط بي ، ولا استطيع أن أفضح نفسي وأفضحهم وأبلغهم بما فعلت ، فخير لي أن تنتهي حياتي من أن أكون سببا في ذل والدي وفضيحته ، فأنا لا اهتم لأمر أحد في هذه الدنيا بعد ربي إلا والدي وزوجي وقررت بيني وبين نفسي أنني لن أتزوج بآخر كي لا أفضح أهلي ولأنني أحب هذا الرجل فعلا ولا أتخيل نفسي زوجة لرجل غيره. أفيدوني أفادكم الله فأنا لا أعرف إلى من أتوجه بسؤالي خاصة أنني ذهبت إلى دار الإفتاء ورفضوا استقبالي بدون محرم لي ، أنا ضائعة لا أدري ماذا أفعل ولا كيف أتصرف وإلى من ألجأ ليدلني على الطريق الصحيح وكل ما أطلبه هو فتوى بصحة زواجي من هذا الرجل أو عدمها ، وهل يجوز لنا أن نتزوج خاصة وأنه يريد الزواج بي زواجا صحيحا حلال شرعا وأمام كل الناس مثلما يفعل كل الناس وجزاكم الله خير الجزاء
الجواب
الحمد لله.
لا ندري بأي شيء نبدأ جوابك ، بتذكيرك بخطئك ، فأنت تقولين إنك تعلمين بخطئك ، لكنه
في الواقع خطأ ، وليس ككل خطأ ، خطأ جنى عليك أعظم جناية على فتاة مثلك ؛ فما كان
أغناك عن الحرام ، والضياع ، والحسرة ، ما كان أغناك عن ذلك كله ، بطريق من طرق
الحلال التي كانت متاحة لك ؛ حتى ولو كان مع ذلك الشاب ، لو كان يريد الحلال فعلا .
لكن ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
أما وقد كان ما كان ، ووصلت إلى الحال التي ذكرت في سؤالك ، فلا شك أن زواجك بهذا
الرجل كان باطلا فاسدا في حكم الشرع ، (فأيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها
فنكاحها باطل ، باطل ، باطل) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . ويزيد الأمر سوءً
ما كنتما عليه من الكتمان ، والتواصي بأن يكون سرا ، في كل مرة تفعلان فيه ذلك .
لكن ، ومع فساد هذا النكاح الذي كان بينكما : فإنه يلزمكما أحكامه ، فإذا طلقك منه
، لزمكما هذا الطلاق ، وما يتعلق به من أحكام ، هذا إذا كنتما قد بينتما أمركما على
أنه زواج ، واقتنعت بأنه زواج صحيح على مذهب الحنفية كما ذكرت ، فهذا نكاح ، لكنه
فاسد على مذهب الجمهور ، والنكاح الفاسد يقع فيه الطلاق ، وليس لمن نكح نكاحاً
فاسداً وهو يعتقد صحته ثم طلق أن يعيد النظر في صحة النكاح ليقنع نفسه بأن النكاح
لم يحصل أصلاً ، فهذا من التلاعب بالدين ، التعدي لحدود رب العالمين .
فأي دين ، وأي عقل : يقول لك : إنكما متزوجان عندما تلتقيان ، وتمارسان ما تريدان ،
كما يمارس الزوجان ؛ فإذا طلقك : فالزواج لم يكن صحيحا ؛ وهل هذا إلا غاية اللعب
بأحكام الله ، واتخاذ آياته هزوا ؟!
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ : " رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ
وَلِيُّهَا فَاسِقٌ يَأْكُلُ الْحَرَامَ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؛ وَالشُّهُودُ
أَيْضًا كَذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ: فَهَلْ لَهُ بِذَلِكَ
الرُّخْصَةُ فِي رَجْعَتِهَا؟ " . فَأَجَابَ:
"إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ . وَمَنْ أَخَذَ يَنْظُرُ بَعْدَ
الطَّلَاقِ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَنْظُرْ فِي صِفَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ :
فَهُوَ مِنْ الْمُتَعَدِّينَ لِحُدُودِ اللَّهِ ؛ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ
يَسْتَحِلَّ مَحَارِمَ اللَّهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ . وَالطَّلَاقُ فِي
النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا
مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَالنِّكَاحُ بِوِلَايَةِ الْفَاسِقِ : يَصِحُّ عِنْدَ
جَمَاهِيرِ الْأَئِمَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/101)
.
وبناء على ذلك إن كانت الطلقة الثانية وقعت بعد المراجعة من الطلقة الأولى ، فقد
وقعت عليك ثلاث طلقات ، وصرت مطلقة منه طلاقا بائنا ، لا يحل له أن يتزوجك ، حتى
تتزوجي من زوج غيره ، زواجا صحيحا شرعيا ، هذه المرة ، وليس كالزواج السابق ؛ فإذا
طلقك زوجك الآخر بعد أن ينال منك ما ينال الرجل من امرأته ، كما يطلق الرجل امرأته
من غير حيلة ، ولا تلاعب آخر ، فلا حرج عليك أن ترجعي إلى هذا الرجل، إن أردتما أن
تقيما شرع الله بينكما .
وإن كانت الطلقة الثانية وقعت قبل حصول الرجعة من الطلاق الأول وقبل انقضاء العدة ،
فهذه الطلقة الثانية لا تقع على الراجح ، ويكون قد وقع عليك طلقتان فقط ، ولكما أن
تعقدا عقد النكاح الآن ، والرجعة من الطلاق بتحصل بقول الزوج راجعتك وما أشبه ذلك .
وبعد ، فلا ندري ما نقول لك آخرا ، كما لم نكن ندري ما نقول لك أولا ؛ لكن أعظم ما
ينبغي عليك الآن : التوبة النصوح إلى الله ، عسى أن يجبر مصابك ، ويغفر ذنبك : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا
وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ
الْعَظِيمِ ) .
والله أعلم .