شككت في خروج المني ، وعندما أردت التأكد وجدت لونه أصفر ، وكان يابسا ، على عكس المذي ، فالمذي يكون لزج ، ولكن من خصائص المني الإحساس به وقت خروجه ، والإحساس بالفتور بعد خروجه ، وأنا لم أشعر بهذه الأشياء ، وبالنسبة للرائحة أعلم أنها مثل رائحة طلع النخل ، ولكن أنا لا أعرف رائحة طلع النخل ، وأعلم أن رائحته عندما يجف تكون مثل رائحة البيض ، وأنا عندما أردت التأكد وجدت له رائحة ، ولكن لم تكن مثل رائحة البيض. وأيضا عندما استيقظ أجد بللا مع أني لا أحتلم. فهل يجوز الاغتسال من المني في هذه الحالة أعني حالة الشك ؟ أنا أريد الاغتسال احتياطا فهل يجوز ؟ وهل يصح جمع الاغتسال من المني مع الاغتسال من الحيض مع اغتسال الدخول في الإسلام ؟ أنا أعلم أنه كان يجب علىَّ الاغتسال من المني قبل الحيض ، ولكن كلما أردت الاغتسال للدخول في الإسلام أشك في صحة الغسل، فلم أغتسل من المني .
الحمد لله.
من الواضح جدا أيتها السائلة أنك تعانين من وسواس يتعلق بأمور الطهارة ، لأنك تسألين عن اغتسالك للدخول في الإسلام ، مع أنك مسلمة والحمد لله ، والوسواس داء عضال ، نسأل الله تعالى أن يعافيك منه .
وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي : " عن داء الوسوسة هل له دواء؟ (فأجاب) بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية .
وإن كان في النفس من التردد ما كان - فإنه متى لم يلتفت لذلك : لم يثبت ، بل يذهب بعد زمن قليل ، كما جرب ذلك الموفقون ، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها : فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين ، بل وأقبح منهم ، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها ، وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان أي: لما فيه من شدة اللهو والمبالغة فيه ، وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته.
فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته ، واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله ؛ لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا ، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ، ونكد العيش ، وظلمة النفس وضجرها ، إلى أن يخرجه من الإسلام ، وهو لا يشعر أن: الشيطان لكم عدو ؛ فاتخذوه عدوا" انتهى من " الفتاوى الفقهية الكبرى " (1 / 149)
واعلمي ـ يا أمة الله ـ أن الوسواس القهري مرض ، كسائر الأمراض ، وله علاجه الدوائي المعروف ، وعلاجه السلوكي المفيد كذلك ، ونحن نرى أن الجمع بين النوعين أنفع للمريض ، وأرجى لشفائه منه ، فلو عرضت نفسك على طبيب مختص في الأمراض النفسية ، لكان ذلك نافعا لك ، بإذن الله .
وقد سبق أن بينا أن الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد عنه ، فليراجع ذلك في الفتوى رقم : (20159) .
وأما شكك في اليقظة في خروج المني فهذا لا يترتب عليه وجوب الغسل ؛ لأن الشك لا يترتب عليه شيء .
وأما من استيقظ من نومه فوجد بللا في ثوبه فلا يخلو حاله من ثلاثة أحوال سبق بيانها في الفتوى رقم : (22705).
ولا نرى لك الغسل في هذه الحالة بدعوى الاحتياط ؛ لأن الأخذ بالاحتياط إنما يكون لغير الموسوس ، أما الموسوس فلو أخذ بالاحتياط ، لأدى ذلك به إلى زيادة الوسوسة والعمل بها ، ووقع في حرج عظيم من أمره ، بل ربما أداه ذلك إلى فساد أمره كله ، كما هو مشاهد معروف من حال الموسوسين ، نسأل الله العافية .
وأما الجمع بين نية غسل الجنابة ، وغسل الطهارة من الحيض : فجائز ، قال ابن قدامة في " المغني " (1 / 162) : " إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل ، كالحيض والجنابة ، أو التقاء الختانين والإنزال ، ونواهما بطهارته : أجزأه عنهما. قاله أكثر أهل العلم ؛ منهم عطاء وأبو الزناد وربيعة ومالك والشافعي وإسحاق ، وأصحاب الرأي" انتهى.
وأما غسل الدخول في الإسلام فلا يشرع لك أصلا ؛ لأنك – بفضل الله تعالى - مسلمة لم تفارقي دين الإسلام ، ولكن الشيطان قد وسوس لك ليلحق بك العنت والمشقة وليبغض إليك الدين ، فأعرضي رحمك الله عن هذه الوساوس فعاقبتها وخيمة.
والله أعلم .