ما حكم إفطار اللاعبين في نهار رمضان ؛ لأنه يشق عليهم أداء عملهم ، وخاصة أن المسؤولين طالبوا بإرجاء المباراة إلى الليل لكن السلطات العلمانية رفضت . وما حكم إفطار اللاعبين في حالة السفر يعني يسافرون للعب في مدينة أخرى ؟ وما حكم إفطار الجماهير للسفر لمشاهدة مباراة كرة القدم ، مع العلم أنه يمكن أن تعرض المباراة في التلفاز ؟ وهل يختلف الحكم عند السفر لمسابقة لدول الكفار ، وهل يتأثر الحكم بانكشاف عورة اللاعب ـ جزء من فخذه ـ ؟ وما حكم السفر للسباحة في مدينة ساحلية للاستجمام ؟!
الحمد لله.
أولا:
لا حرج في لعب كرة القدم إذا لم يكن على مال وجوائز، ولم يشغل عن واجب، أو يؤدي إلى محرم ككشف العورات، واختلاط الرجال بالنساء.
ولا حرج في المشاهدة إذا سلمت من هذه المحاذير. وينظر: جواب السؤال رقم (95280).
ثانيا:
لا يجوز الإفطار في الصوم الواجب لأجل اللعب؛ لأن الفطر إنما يكون لعذر من مرض أو سفر، وليس اللعب من ذلك.
وإذا كان أصحاب الأعمال الشاقة لا يباح لهم الفطر ابتداء، فكيف بمن يفطر ليلعب!
وينظر: جواب السؤال رقم (12592) ورقم (43772).
ثالثا:
إذا سافر اللاعب إلى مدينة أخرى تبعد مسافة القصر وهي 80 كيلو، ففي فطره تفصيل:
1-فإن كان لعبه للكرة محرما، لكون اللعب على جوائز ومال، أو لكونه لابد فيه من كشف العورة، فهذا سفر معصية، والجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أن المسافر سفر معصية لا يترخص بالرخص، فلا يفطر في الصوم، ولا يقصر الصلاة الرباعية، ولا يمسح على الخف مسح مسافر.
وذهب الحنفية وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه يترخص كغيره، مع وجوب أن يتوب من المعصية.
وفي الموسوعة الفقهية (25/ 33): " اشترط جمهور الفقهاء - المالكية على الراجح والشافعية والحنابلة - في السفر الذي تتغير به الأحكام: ألا يكون المسافر عاصيا بسفره ، كقاطع طريق ، وناشزة ، وعاق ، ومسافر عليه دين حال قادر على وفائه، من غير إذن غريمه؛ إذ مشروعية الترخص في السفر للإعانة، والعاصي لا يعان؛ لأن الرخص لا تناط بالمعاصي .
ومثله ما إذا انتقل من سفره المباح إلى سفر المعصية ، بأن أنشأ سفرا مباحا ، ثم قصد سفرا محرما.
والمراد بالمسافر العاصي بسفره ، أو سفر المعصية : أن يكون الحامل على السفر نفس المعصية ، كما في الأمثلة السابقة.
وقد ألحق الحنابلة بسفر المعصية : السفر المكروه ؛ فلا يترخص المسافر عندهم إذا كان مسافرا لفعل مكروه .
وفي مذهب المالكية خلاف في الترخص في السفر المكروه ، فقيل بالمنع ، وقيل بالجواز.
قال ابن شعبان: إن قَصَر لم يُعِد ؛ للاختلاف فيه.
ثم إنه متى تاب العاصي بسفره في أثنائه : فإنه يترخص بسفره ، كما لو لم يتقدمه معصية. ويكون أول سفره من حين التوبة...
وعند بعض المالكية يجوز الترخص في سفر المعصية مع الكراهة.
ولم يشترط الحنفية هذا الشرط، فللمسافر العاصي بسفره أن يترخص برخص السفر ، كلها لإطلاق نصوص الرخص كقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات ، وفي السفر ركعتين) ...
كما أن المعصية ليست سببا للرخصة ، والسبب هو السفر، والمعصية ليست عين السفر، وقد وجد السفر الذي هو سبب الرخصة.
وأما العاصي في سفره ، وهو من يقصد سفرا مباحا ، ثم تطرأ عليه معصية يرتكبها : فقد اتفق الفقهاء على أنه يترخص في سفره؛ لأنه لم يقصد السفر للمعصية ، ولأن سبب ترخصه - وهو السفر - مباح قبلها وبعدها" انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (50758).
2-وإن كان لعبه للكرة مباحا، جاز له الفطر في السفر.
3-ويقال هذا أيضا في حكم الجمهور المسافر، فحيث حرم سفرهم ففي فطرهم خلاف، وحيث جاز السفر لهم جاز الفطر.
ولا فرق في ذلك بين السفر لبلاد الكفار أو لبلاد المسلمين، لكن لو سافر لبلاد الكفار ليرتكب معصية، فسفره سفر معصية، وفيه ما تقدم.
وأما كشف الفخذ فمحرم، ويترتب عليه تحريم اللعب، وتحريم السفر لأجل هذا اللعب المحرم، كما يعلم مما تقدم.
رابعا:
يجوز السفر للسباحة في مدينة ساحلية ، إذا غلب على الظن السلامة من الوقوع في منكر ، كرؤية العورات، واختلاط النساء بالرجال وغير ذلك.
فإن كان الذاهب لا يسلم من رؤية المنكر- مع عدم الإنكار- أو يقع هو في المنكر، فلا يجوز ذهابه إلى هذه الأماكن.
وينظر: جواب السؤال رقم (23464).
والله أعلم.