الحمد لله.
دل القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة على أن المسافر في نهار رمضان له أن يفطر ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
انظر السؤال (37717) .
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن المسافر الذي يباح له الفطر : هو من سافر مسافة قصر ، وكان سفره مباحا .
أما من سافر سفرا لا يبلغ مسافة القصر ، أو كان سفره سفر معصية ، فلا يباح لهما الفطر .
وكذا لو سافر ليفطر : حرم عليه السفر والفطر .
ومسافة القصر عند جمهور العلماء ، هي أربعة بُرُد ، وتعادل 80 كيلو تقريبا . وذهب بعض العلماء على أنه لا اعتبار بالمسافة ، وإنما العبرة بما يسميه الناس سفراً .
انظر السؤال (38079) .
والقول بأن العاصي بسفره لا يباح له الفطر ولا غيره من رخص السفر كقصر الصلاة : هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة .
انظر : "المغني" (2/52) .
وعللوا قولهم : بأن الفطر رخصة ، والعاصي بسفره ليس أهلا للرخصة . ومنهم من استدل بقوله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) البقرة/173 .
ووجه الدلالة : أن الله تعالى لم يبح أكل الميتة للمضطر الباغي والعادي ؛ لأنهم عصاة . قالوا : والباغي هو الخارج على الإمام ، والعادي هو المحارب وقاطع الطريق .
وذهب الحنفية إلى أن له الترخص بالفطر والقصر وغيره ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
انظر : "البحر الرائق" (2/149) ، "مجموع الفتاوى" (24/110) .
وهؤلاء لم يسلموا للجمهور استدلالهم بالآية ، وقالوا : بل الباغي هو الذي يطلب الطعام المحرم مع قدرته على الحلال ، والمعتدي : هو الذي يتعدى القدر المحتاج إليه .
وأما من سافر لأجل أن يفطر ، فهذا متحايل على الشرع ، فعوقب بنقيض قصده ،
قال في "كشاف القناع" من كتب الحنابلة (2/312) :
" لكن لو سافر ليفطر حرما عليه ، أي : السفر والفطر ، حيث لا علة لسفره إلا الفطر . أما حرمة الفطر فلعدم العذر المبيح له . وأما حرمة السفر فلأنه وسيلة إلى الفطر المحرم " انتهى بتصرف يسير .
وليس للمسافر أن يفطر إلا بعد مفارقة عمران مدينته أو قريته ، فيحرم الفطر عليه قبل ذلك ؛ لأنه مقيم حينئذ . انظر السؤال (48975) .
وعلى هذا فيحرم على المسافر الفطر في مواضع : منها :
1- إذا كان سفره لا يبلغ مسافة القصر .
2- إذا لم يكن سفره مباحا عند جمهور العلماء .
3- إذا سافر لأجل أن يفطر .
4- إذا سافر وأراد أن يفطر قبل مفارقة بيوت قريته أو مدينته .
5- وهناك حالة خامسة يحرم فيها الفطر على المسافر عند جمهور العلماء ، وهي إذا أقام في البلد الذي سافر إليه أكثر من أربعة أيام ، ويرى آخرون من العلماء أن المسافر يترخص برخص السفر ما دام مسافرا مهما طالت المدة . انظر السؤال (21091) .
والله أعلم .
تعليق